مع انتهاج بلادنا لسياسات الاقتصاد الحي،واتخاذ التدابير الرامية إلى الاندماج مع الاقتصاد العالمي ،وإشاعة التنافس بين المنتجين والمستوردين في الاسواق الداخلية والغاء وزارة التموين.. والاحتكام لمبدأ العرض والطلب.والتخلي التدريجي عن سياسات الحماية الاقتصادية ،وإجراءات الدعم للسلع اعتبرت المعارضة أن انتهاج هكذا سياسات ماهو إلا تخلٍ عن المواطن وحمايته من ضغوط السوق ،ودفع المواطن دفعاً نحو متاهات الحياة دون اقتران اعتباراتها ،ببدائل ناتجة عن دراسة الآثار السلبية الناجمة عن هكذا سياسة والخروج برؤى برامجية فمثل الحد الأدنى من القواسم المشتركة في مواجهة الضغوط الدولية..فأخذ التنافر مداه..دون الغوص في أعماق المشكلات وتجاوز الأزمات. وتعرف المعارضة قبل غيرها، أن الدعم المعتمد في الموازنة العامة للكثير من السلع ،يكبد الخزانة العامة مبالغ طائلة في الوقت الذي تذهب فيه حصص الدعم أو على الأقل جانب كبير منه لغير صالح المستفيدين أصلاً..ومع ذلك تصر أطراف منها على أن ذلك تخلٍ عن المواطن، واعتداء على حقوقه.وعندما لجأت الحكومة إلى وضع بدائل تستهدف الحد من آثار الفقر،وتوسيع قاعدة المستفيدين من خدمات صناديق الرعاية الاجتماعية ظلت أطراف من المعارضة لاترى في هكذا اتجاهات بمثابة امتصاص للبؤر المولدة للفقر، بل وذهب بعضها إلى القول إن مايخصص للحد من مساحة الفقر إنما ضاعف من اعداد المنحدرين إليه.وعندما يبحث المرء في العوامل الدافعة إلى هكذا قول ،وماهي العلامات أو المؤثرات الحقيقية لذلك، لايجد ما يعزز القول في الواقع.. لأن القول والسياسي منه على وجه التحديد،ينبغي أن يستند إلى حثيثات وأرقام تؤكد صحته وسلامته.. لكنه قول لايملك السند الميداني..لايعني في الموقف الحقيقي سوى قول أشبه بأولئك الذين يخططون لأهداف واستراتيجيات التنمية لاجتثاث الفقر من الواقع،من فوق الكراسي المتحركة خلف المكاتب الفخمة..فلاهم يكلفون أنفسهم عناء الإطلالة على الواقع كما هو ويخططون لتحريك أفعاله باتجاه الأفضل،ولاهم يجهدون أدمغتهم بحثاً في خلفيات التقارير التي تدبج في أوراق أنيقة وكلمات راقية، تشير محصلتها إن النتائج المستهدفة من الخطط والبرامج التي تم رسمها تمثل 98%، ليس لأن الانجاز الحقيقي للجهد التنموي المبذول قد حقق في الواقع نسباً عالية في الانجاز لمختلف مكونات المشروع،وأجزائه،وفروعه وأنساقه..بل وهذا هو أبرز العيوب ،وأهم معوقات الفعل التنموي في الميدان لأن المخصصات المالية للمشروع إما تم انفاقها بالكامل ،أوبلغت نسبة الانفاق من تلك المخصصات إلى مانسبته 98%.إن الانجاز المادي ،العيني المكاني فذلك ليس من شؤونهم وهكذا هي أقوال بعض أطراف المعارضة تتحدث عن نسب الانحدار إلى الفقر،ولاتعلل أسبابه،وتكشف عن عوامله ومؤثراته في الواقع،فهي لاتكبد نفسها أي عناء للوقوف على المخصصات المالية لجوانب الحد من الفقر وتتبع حركة الفعل فيه،.وإظهار جوانب الاختلال فيه..تساعد نفسها والدولة والمستفيد ..عجبي.