يقول السيد روبرت بوروز الذي لم تمنحني صحف المعارضة ترجمة واحدة لاسمه؛ يقول كلاماً كثيراً، لايعدم جمهوراً وصحفاً تجد فيه مايشنّفها وماتبدع منه مانشيتاتها وبنوط خيبتها العريضة. ولمن لايعرف بوروز فهو أمريكي الأصل والفصل... شحماً ولحماً وعظماً.. كابراً عن كابر وأباً عن جد، وهو على هذه الصفات، عضو في كازينو المعارضة «اليمنية»، اتحفتنا به صحفها في الآونة الأخيرة، وهو ينظر ويحلل ويقول كلاماً كثيراً عن كل شيء ثم لاشيء يستحق الاحترام أو حتى الاستماع.. لن أتحدث الآن عن السيدة جان نوفاك التي لاتختلف عن ابن جلدتها وجدتها «ابوروز» في شيء، خاصة في مسألة العضوية والجمهور، نوفاك لم تثر حنقي كما فعل زميلها الخرف، وربما يعود الأمر إلى تعاطفي الدائم مع «الأنثى» ومتعتها في الثرثرة وإن كانت الشقراء نوفاك ذات اللسانين. فقط؛ مايهمني في هذه التناولة هو مستر بوروز المهتم «جداً» والمهموم «جداً» بواقعنا وشؤوننا وأشيائنا الشخصية، فقد هبط علينا ببرشوت المعارضة ومازال يتخبط في نفسه على القاع. وهو قال في مقابلة سابقة الكثير مما يحلو للمعارضة قوله أو أنها لاتمتلك الشجاعة الأدبية والموهبة الكافية في إخراجه من دائرة الصمت والخجل في مكنونها.. حسب الصحيفة المستضيفة، فبروز كاتب ومحلل سياسي في خريف العمر الأخير، وقد كتب عديداً من المقالات والدراسات والبحوث السياسية عن الشرق الأوسط، واليمن بالذات والتحديد، التي تخصص في شؤونها، وحظيت منه بالكثير من الكلام والكتابات والكلمات المتقاطعة عند نقطة الإفك الامريكي المعروف عالمياً وعبر التاريخ. لقد وافق «شن» الأبيض «طبقة» المعارضة، ورأت فيه هذه الأخيرة طرزان أحلامها ومايلبي في نفسيتها حاجات خاصة، مما دفع به للتنظير أكثر، فإذا به يمارس هواية التزلج على الرمال اليمانية بتصفيق من هؤلاء المتشوقين لأي كلام من مصب خارجي، ويفضل الأمريكي الآسن بأحقاد تفيض عن حاجة الدنيا والأرض. أما كيف وجد بوروز وأمثاله سبيلاً لخزعبلاتهم في هكذا صحيفة مصفرة، وهكذا بوق قمئ، فهذا مالايخفى على العيان اليمني، وهو جزئية طفح بها العلن في مصفوفة خدمة الأسرار المتبادلة بين طرف المعارضة المشؤومة وأطراف مشبوهة، وما الوثائق السرية التي خرجت أيضاً إلى العلن وطفت على سطح الرؤية، إلا غيض من فيض هذا التحالف السري ضد وطن محمول في حقائب المعارضة إلى أسواق المزاد العالمي. بودي لو أن هذه الصحف غلبت المصلحة العليا للوطن والمواطنين على أشواقها الشخصية ومصالحها الضيقة، وبودي لو أنني قرأت تخريفات بوروز حول الواقع اليمني واختراعاته لمصطلحات هوجاء وكافات تشبيه بين الدولة اليمنية الحديثة وبين «دولة الإمامة» هكذا سماها بوروز «دولة» مع إنها لم تكن كذلك إبان الأئمة الجائرين لافتقادها مقومات الدولة الحقيقية، بودي لو أنني قرأت مثل هذه التخريفات في الواشنطن بوست وليس في «الصحوة» التي احترم الزملاء فيها ويربطني بهم ودّ حتى إذا ما أثبتوا العكس. وكان السيد بوروز ومعه نوفاك سيحظيان منا بالاحترام دونما شك إذا ماسخرا موهبتهما الكتابية وشجاعتهما الأدبية (بالنسبة إلى قناعتهما الشخصية وقناعة المعارضة «اليمنية») في الوقوف الشجاع أمام وجه بوش وغطرسة أمريكا الشهوانية، وانتصرا ولو بعض الوقت لضحايا أبو غريب وجوانتانامو والطفل الفلسطيني والمرأة العراقية وهلم جرا من ضحايا بالملايين أبادتهم ومازالت الآلة العسكرية الأمريكية التي لم تبقِ كرامةً ولم تذر إنساناً، إذ الجميع سواء تحت بيادتها العشواء. كنا سنحترمهما قليلاً أو كثيراً لو أنهم استثمروا حبرهما الأسود في نقد وحوش البيت الأبيض والانتصار للمبادئ الإنسانية والقيم الجميلة التي لقيت مصرعها الزؤام تحت تمثال الحرية هناك ومخالبه المفترسة. مستر بوروز!.. ألا توجد في بلادك العظمى مصحة نفسية؟ أما آن أن يتقاعد العجوز المنهك عن الكلام الكثير أم مازال لديك بقية ومزيد؟!.