في الأعياد والمناسبات المهمة يتبادل الناس التهاني والتبريكات، يؤجلون خلافاتهم، بل تكون هذه المناسبات سببا لإلغاء هذه الخصومات والخلافات، لأن المناسبات والأعياد محطات تجديد ومراجعة.. مشاعر حب وألفة، ينابيع ود وأخوة، يكبر فيها الناس إلى مستوى فيض الإخاء والوفاء والتسامح. كثيرا ما تكون المناسبات مدخلا عظميا، وبابا واسعا لإصلاح العلاقات، وتمتين الروابط وتجاوز العداء والخلافات.. فشهر رمضان مثلا، بابا واسعا للتوبة والتصالح والتسامح بين الأهل والجيران، ومثله عيد الفطر أو الأضحى فرصة ثمينة لتعزيز العلاقات الأخوية والأسرية والمجتمعية على حد سواء.. وهكذا. فهل سيكون العيد العشرين للوحدة اليمنية، احتفالا يرتقي إلى مستوى عظمة هذه المناسبة من حيث ما سنجد فيه من رسائل تفيض بروح المسئولية، وصدق التعامل، ووضوح السياسة لتبعث الطمأنينة التي الناس كافة؟ إن الوحدة اليمنية لم تكن- مثلا- انقلابا أعلنه الجنرالات في غفلة من الشعب، كما يحدث في الانقلابات سيئة السمعة التي كانت الشعوب تستيقظ على هدير البيان رقم واحد! لقد كانت الوحدة أمل وهدف كل اليمنيين وحتى منذ ما قبل الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، التي جعلت تحقيق الوحدة الهدف الأسمى للثورة. بل كان الشعب اليمني وبمختلف المراحل ينشد للوحدة ويتهف لها، حتى جاءت كنتيجة طبيعية لجهوده ونضالاته وتضحياته وأعلنت بتأييده وحضوره، لأن الوحدة مثلت لديه الهدف الوطني الإستراتيجي لمشروع حضاري يقود التحولات نحو التقدم والازدهار. دعونا اليوم، اليوم وعلى الأقل- بين يدي هذه المناسبة- نتوقف عن الحديث عن الظلمة التي تحاول أن تختطف بشكل نهائي الألق الوحدي للثاني والعشرين من مايو 1990م ولنصطف جميعا لنستأنف مسيرة المشروع الوحدوي الذي يقود التحولات ويؤسس لانطلاق اليمن القوي بأبنائه جميعا من المهرة حتى صعدة ومن هم في الداخل أو الخارج. نريد الاحتفال بهذه المناسبة اليوم- احتفال الرجال، احتفال الأبطال، احتفال الصدق مع الوحدة، والوفاء لها، والحب للوطن ولمَّ الشمل لكل اليمنيين. إذن نريد أن نسمع كلاما مختلفا، كلاما يؤلف الصفوف ويجمع الشتات ويستوعب الاختلافات ويقبل بالجميع، نريد أن نسمع كلاما مسئولا يبني ولا يهدم، يوحد ولا يمزق. فهل سنسمع ونرى احتفالا يليق بالعيد العشرين للوحدة ويرتقي إلى مستوى ألقها وأفقها وطهرها ونقائها؟ أم سنسمع- لا قدر الله- التهم والتخوين والتهديد والوعيد. لو جرى هذا- معاذ الله- فكلنا- ومعنا العرب أجمعين- سنتساءل: وأين الوحدة إذن!؟