ثلاثة أشكال للحوار العربي العربي.. تستهدف في أيامنا هذه رأب الصدع في ميادين التناصر غير المقبول بين أبناء الوطن الواحد. فمن حوار وطني لا يزال متواصلاً بين أطراف اللعبة السياسية في لنبان، على اثر ما ترتب على اغتيال الشهيد «رفيق الحريري» من توتر حاد في العلاقات اللبنانية السورية، ومن ثم انقسام صريح في الصف الوطني اللبناني بين متعاطف مع سوريا، ومطالب بإدانتها، إلى حوار وطني مماثل بين قطبين فلسطينيين رئيسيين يمثلان السلطة والحكومة في الوطن المحتل، ومعهما بقية فصائل المقاومة في الداخل، وعلى ارضية ما اقترحه الأسرى والمعتقلون في سجون العدو، إلى حوار صومالي مفترض.. لا نزال على أمل التقاء أطرافه.. تلبية لانفراد اليمن بالدعوة إليه في سياق تحركها الدبلوماسي المسؤول لوقف نزيف الدم بين أرجاء العاصمة العربية «مقديشو» ومن ثم احتواء تداعيات ما شهدته شوارعها وساحاتها من اقتتال مدمر في الآونة الأخيرة. وعلى أمل أن يبدو الحوار بين أطراف النزاع في العاصمة الصومالية، وبقدر مستحق من الاهتمام.. نتابع في الوقت ذاته وقائع الحوار اللبناني اللبناني، يحدونا كبير الأمل في أن يظل الوفاق الوطني في هذا البلد العربي الشقيق أنبل غايات أبنائه على اختلاف توجهاتهم ورؤاهم، وعنواناً اأداياً لقادم أيامهم بالمقابل. ولما كانت فترة الأيام العشرة التي أرادها الرئيس الفلسطيني «أبو مازن» بمثابة مهلة زمنية لحسم المواقف إزاء ماتضمنه البيان الختامي الصادر عن ملتقى الحوار الأخير مع اقرانه في الحكومة الفلسطينية المنتخبة قد اوشكت على الانتهاء، ففي ذلك ما يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خشية تفاقم ما اصطلح على تسميته بأزمة الصلاحيات في الوطن المحتل، بكل ما قد يترتب على ذلك من تعميق لمجمل ما يعانيه انساننا العربي هناك.. تحت وطأة الضائقة الاقتصادية الخانقة المفروضة عليه، بغية تقديمه المزيد من التنازلات لمغتصبي حقوقه الوطنية الثابتة والمشروعة. وما دمنا قد ارتضينا مبدأ الحوار سبيلاً لإنهاء ما بيننا من خلافات واختلافات، فلم يعد مقبولاً ان يسهم أي من أطراف هذا الحوار في إضاعة الممكن طلباً للمستحيل، اللهم إلا إذا كانت سياسة الإملاءات إياها لا تزال تستبد بعقولنا دون أن ندري، فللحوار قوانينه المتعارف عليها ومرجعيته التي ينبغي الاحتكام إليها إذا لزم الأمر. ولما كان جوهر التباين في مواقف قطبي السلطة والحكومة في فلسطينالمحتلة يكمن فيما بين واحدية منظمة التحرير الفلسطينية ووحدانيتها، فلا غضاضة إذاً في ان يسعى الطرفان إلى تثبيت واحدية هذه المنظمة الأم، عبر التوصل إلى صيغة توافقية لمعالجة أسباب التحفظ المتداولة لدى أطراف بعينها لم تكن ممثلة في هياكلها التنظيمية في زمن مضى، بحيث يتسنى استيعاب تلك الأطراف في نسيج تركيبتها الفصائلية، ومن ثم إسقاط أية تحفظات سابقة على وحدانيتها كممثل شرعي لجماهير شعبنا العربي الفلسطيني في الداخل والخارج، بدلاً من أن يدفع أهلنا هناك ضريبة خلافاتنا واختلافاتنا، فضلاً عما قد يعتبره البعض من بني قومنا التفافاً على نتائج الانتخابات التشريعية التي أدت إلى تكليف حركة حماس بتشكيل الحكومة الحالية في حالة تعريضها للفشل.