لم تكن اليمن عبر التاريخ الطويل بمنأى عن جارتها السعودية ،ولم يكن جنوب الجزيرة العربية بعيداً عن احداث شمالها منذ أقدم العصور،فقد تعدت روابطها روابط اللغة والعقيدة والدم إلى الانصهار في بوتقة واحدة وأمة متوحدة المقومات ذات مصير واحد وتاريخ متوحد منذ الأزل. وعندما اشرق الاسلام بأنواره الساطعة حملت القبائل اليمنية والنجدية راية التوحيد خافقة ومضت بها القبائل القيسية واليمانية متجاوزة بلاد البربر وشمال افريقيا إلى «طليطلة» و«قرطبة» و«جنوبفرنسا» و«بلاد ماوراء النهرين» وغيرها من بقاع الأرض التي امتدت إليها أنوار الاسلام الساطعة لتنير ظلمات عصور من الظلم والقهر والاستعباد وتخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. جوهرالعلاقات الثنائية: كانت وحدة قبائل الجزيرة هي القاعدة وخلافاتها هي الاستثناء فقد حملت راية التوحيد والجهاد ونشر الدين الحنيف وإن اختلفت في مسائل القيادة في الفتوحات الإسلامية،ولأن هذه الخلافات ليست جوهر العلاقات بين الشمال والجنوب لاتلبث أن تتبدد بعد كل خلاف ونزاع أخوي طارئ فصدق عليها قول الشاعر العربي القديم: إذا احتربت يوماً وسالت دماؤها تذكرت القربى ففاضت دموعها إن الظروف المختلفة التي مرت بها الإنسانية عبر قرون زمنية متعاقبة قد أفرزت في بعض فتراتها تحديات جمة وواسعة عاشتها قبائل الجزيرة العربية في شمالها وجنوبها حتم عليها الانصهار في بوتقة واحدة وكيان سياسي واحد ذات توجه وهدف واحد، فتوحدت اهدافها في مواجهة الاحباش والفرس والغزو الاجنبي واتحدت تحت راية الاسلام وقيادة الرسول العربي محمد صلى الله عليه وسلم لتهدي العالم إلى النور والتوحيد وتنهي حياة العبودية والقهر،وتحملت في عهود الخلفاء الراشدين والدولتين الأموية والعباسية مهام القيادة وبناء الدولة والفتوحات شرقاً وغرباً، ونهضت في بداية القرن العشرين الماضي مجتمعة لطرد الاحتلال التركي العثماني من مناطق الجزيرة ومن اقطار العرب جميعاً. خطوات نحو الشراكة منذ قيام وتوحيد الشقيقة «المملكة العربية السعودية» في 1932م على يد الملك المؤسس /عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود والروابط الوثيقة والمتينة هي ركيزة علاقات ثابتة صلدة أقوى من كل الدسائس واشكال التآمر والخلافات الطارئة بين الحين والآخر والتي يتم تجاوزها وهذا أمر طبيعي ليصل الركب بالبلدين اليوم تحت قيادتين حكيمتين تمثلا في فخامة الرئيس/علي عبدالله صالح وخادم الحرمين الشريفين الملك/ عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود إلى ذروة العلاقات الأخوية الصادقة والمحبة والوداد والوفاق والتقارب السياسي المتفرد، خصوصاً بعد أن تم طي ملف الخلافات الحدودية بين البلدين بتوقيع «اتفاقية جدة» لترسيم الحدود البرية والبحرية في12/يونيو حزيران 2000م ليتم استكمال عملية الترسيم الحدودي كلياً خلال الفترة الماضية حتى اليوم وتصبح حدود البلدين واضحة لتقوم على أساسها علاقات متينة وراسخة وتصبح حدود البلدين واضحة لتقوم على أساسها علاقات متينة وراسخة وتكامل واسع يشكل أولى خطوات البلدين نحو الشراكة المستقبلية. والصورة العامة للعلاقات اليمنية السعودية اليوم توشك أن تكون الصورة الناصعة والمشرقة في العلاقات العربية العربية ،فمن الصعب جداً في الظروف العربية القاتمة والحالكة السواد أن نجد بلدين عربيين متجاورين يعيشان حالة وفاق وتقارب والسير في اتجاه واحد. حكمة قيادتين ومما لاشك فيه أن انهاء الخلافات الحدودية بين البلدين وطي ملف النزاع الحدودي الطويل بين البلدين،قد جرد اعداء البلدين والقوى الحاقدة كل أسلحة الفرقة واثارة النزاعات والصراعات بين البلدين واستعداء طرف على آخر،ووضع العلاقات الثنائية والأخوية في مسارها الطبيعي لتقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون الآخر والحرص على تحقيق التكامل والمصالح الأخوية وآمال وتطلعات الشعبين والدفع بكلا البلدين إلى آفاق مستقبل مضمون ومشرق،والنظر للأمور ببعد عميق ونظرة ثاقبة واستشراف آفاق المستقبل والفترات المقبلة ومتطلباتها والسبل الممكنة لتجاوز تحدياتها واشكالاتها. متانة العلاقات..وآفاقها إن زيارة ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير/سلطان بن عبدالعزيز آل سعود على رأس وفد سعودي رفيع لليمن للمشاركة في الدورة ال «17» لمجلس التنسيق اليمني السعودي وماحظي به من استقبال يمني مهيب وترحيب وحرارة اللقاء الأخوي يعكس بالعين المجردة متانة العلاقات اليمنية السعودية وتطورها..والتقارب الكبير بين البلدين على أرفع المستويات ، فانعكس ذاته على تقارب الشعبين وعكس حرص قيادتي البلدين على تعزيز عرى التكامل والترابط والشراكة على أسس التكافؤ وتبادل المصالح وتحقيق غايات البلدين الجارين..وماحشد المملكة لكل قدراتها المختلفة لدعم ومساندة اليمن وتأهيلها اقتصادياً للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي إلا واحدة من هذه الصور المشرقة التي تعكس تنامي العلاقات اليمنية السعودية واستشعار أهمية التكامل والتضافر والتوحد في مواجهة كل التحديات المستقبلية.. لأن الظروف الدولية الراهنة والظروف العربية القائمة التي تبعث الرأفة في النفوس لهشاشتها وتنافر اقطارها وتضاد قدراتها ومقدراتها تدعو لتضافر دول الجزيرة والخليج والسير بهذا التكتل الناجح إلى آفاق مستقبلية أفضل من أجل تكامل اقتصادي وسياسي فاعل يضم كل الدول الواقعة في الإطار الجغرافي الواحد دون استثناء أحد..فغياب دولة أو أكثر عن هذا الاتحاد رغم موقعها الجغرافي المناسب يجعل منها حلقة مفقودة في حلقات هذا التجمع العربي المهم..ومما لاشك فيه أن تنامي وتطور العلاقات اليمنية السعودية سيشكل خطوة غير عادية لتحقيق أروع صور التكامل والشراكة بين البلدين في المقام الأول،وبين دول الجزيرة والخليج العربي في المقام الثاني. تحية لقيادتي اليمن والسعودية واطيب التمنيات بنماء وتطور البلدين والتطور المضطرد في العلاقات الثنائية بين الجارين اليمن والسعودية.