في آخر تصريح لها يوم الجمعة الماضية أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية «كوندليزا رايس» أن العالم اليوم يشهد ميلاد شرق أوسط جديد..؟! .. وهذا التصريح يعود بأذهاننا إلى ما قبل حادثتي الأسرى في كل من غزة وجنوب لبنان للجنود «الذريعة» الذين استطاعت إسرائيل أن تستغل حادثة أسرهم أبشع استغلال، وكأنهم ليسوا بالجنود والأفراد العاديين جداً وإنما أشبه ما يكونون بالملوك والأمراء ورؤساء كبار يمثلون رموز بلدانهم وشعوبهم. إن تصريح «رايس» هذا قد كشف سيناريو المخطط الرهيب لكل من الولاياتالمتحدةوبريطانيا وكلفت بالبدء بتنفيذه على مسرح الواقع «إسرائيل».. فالمتابع لوقائع الأحداث في كل من غزة وجنوب لبنان سيلاحظ أن طريقة وأسلوب الإخراج لحادثتي الأسر قد كان واحداً وعبارات التأييد والتضامن مع المواقف الإسرائيلية المطالبة بسرعة الإفراج عن الأسرى كانت من صياغة مطبخ سياسي موحد، فمن عسى أن يكون هؤلاء الأسرى وما هو سر ذا الاهتمام بهم؟ في حين يوجد في غياهب السجون الإسرائيلية عشرات الآلاف من الأسرى العرب من لبنانوفلسطين والأردن وخلاف ذلك.. فلست أدري ما إذا كان هذا المنطق تجاه أسراهم يؤكد اعتقادهم التوراتي المغلوط من أنهم كما يتصورون شعب الله المختار، وكيف تتورط مع إسرائيل وتنحدر كبرى الدولتين اللتين تدعيان أنهما تتزعمان العالم الحر وعالم حقوق الإنسان وأنهما يحاربان كل شكل من أشكال التمييز العنصري والديني...الخ؟ يبدو أن الحركة الصهيونية العالمية قد اكتسبت العديد من الخبرات والدهاء التي جبلت عليه عبر قرون من الشتات في أقطار العالم، فاستطاعت أن تتغلغل في أوساط الشعوب المختلفة والتأثير على العديد من قادة الرأي بتلك الشعوب لينقادوا لأفكارهم الخاطئة وإلى أساليبهم المؤثرة بالآخر تأثير السحرة، وإلا فما معنى هذا الانجرار وراء أناس اغتصبوا أرض غيرهم وأقاموا عليها دولتهم وطردوا أصحاب الأرض ليتشردوا تحت كل كوكب.. نحن نعلم كما يعلم أصدقاء الحكام العرب من المقربين وغيرهم أنه لولا مساعدة ومساندة «دول الانتداب» لما استطاعت إسرائيل أن تقييم دولتها وتطرد أصحاب الأرض، ومع هذا الجور والظلم كله فإن العرب باتوا على درجة كبيرة من التسامح والاعتراف بالأمر الواقع، وباتوا لا يطلبون بأكثر من الأرض التي احتلت بعام 1967م.. تصوروا ياشعوب العالم أجمع مدى هذه الغطرسة بدول العالم الحر، قبل عام 1948م لم يكن ثمة أثر أو علم لهذه الدولة الظالمة والمتجبرة وجالبة كل شكل من أشكال الإرهاب. إن على دول أوروبا وخاصة دول ما كان يطلق عليها بدول الانتداب أن تكفر عن خطأها التاريخي الذي ارتكبته في حق العرب وقضيتهم المركزية، وأن لا يكرروا الخطأ نفسه ويلبوا دعوة وزيرة الخارجية الأمريكية بالشرق الأوسط الجديد.. لقد ارتكب الغرب أولى أخطائه في عام 1916م عندما وقع ونفذ اتفاقية «سايس بيكو» ثم مارس خطأه الأكبر عندما انسحب من أرض فلسطين بعد أن مكن عصابات إسرائيل من تقوية جيشها بطرق سرية مختلفة وعلنية ثم تم الانسحاب على حين غرة.. والعرب آنذاك تفتك بهم وبأرضهم شتى الأمراض والعلل، وهكذا فإن ما يجرى على أرض لبنان اليوم إنما هو فخ نصب لاستدراج حزب الله وبدر للقضاء عليه وعلى قواعده وإلا فإن الأمر ما كان يستدعي كل هذا الكم الهائل من التدمير للبنى التحتية وإلى قتل العشرات من الأطفال الرضع الذين لا ذنب لهم، وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها حزب الله بأسر جنود إسرائيليين، فقد سبق له وأن قام بأسر أمثال هؤلاء المحتلين وكان في كل مرة سيتم حسم هذه المشاكل بالتفاهم والتفاوض عبر قوى الطوارئ الدولية المتواجدة بالمنطقة، لكننا اليوم نلاحظ ونشاهد من خلال سلسلة من الأحداث التي سبق وأن جرت بالعراق ومن خلال التصريحات المتكررة لمسئولي الولاياتالمتحدةالأمريكية، وآخر هذه التصريحات ما أعلنته يوم أمس الأول وزيرة الخارجية من أن ما يجرى في أرض العرب اليوم إنما هو مخاض عسير لشرق أوسط جديد. إنها ياعرب «سايس بيكو» جديد ليس إلا.. إن هذه التصريحات تعني تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وكما أثيرت وبعثت على أرض العراق الطائفية على ذلك النحو ا لمتوحش الكريه فإن الولاياتالمتحدة تهدف إلى تعميم هذا النموذج الدموي ليشمل كل قطر عربي على حده.. وعلى فكرة هذه المخططات ليست بنت اليوم أو بنت الساعة فإسرائيل سبق وأن غزت واجتاحت لبنان أكثر من مرة وكان أبرزها وأشدها ضراوة اجتياح عام 1982م، وكانت خلال تلك الغزوات العدوانية قبل أن يكون حزب الله قد وجد، أعني إن هذا المبرر الذي تتذرع بخطورته وإرهابه عندما غزت لبنان بالعقود المنصرمة لم يكن ثمة حزب الله وإنما الهدف والمخطط المرسوم موجود منذ زمن طويل واليوم ها نحن نرى ونشاهد هذا العدوان البربري وكيف أنه لم يستهدف منشآت حزب الله وقواعده وإنما استهدف البنى الأساسية للبنان واستهدف مدارس الأطفال والمستشفيات وجسور التواصل ووسائل الإعلام والصحفيين.. وقد شاهدنا يوم أمس الأول وهم يشنون غاراتهم على عدد من مراسلي قناة الجزيرة الذين نجوا بأعجوبة.. إنها همجية القرون الوسطى المتأصلة..وبعد على المجتمع الدولي أن يدرك ويعلم أن لبنان معضلة الشرق الأوسط لا تكمن في حزب الله أو سوريا وإيران وإنما تكمن في أمر واحد واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، إنها تكمن بالاحتلال واغتصاب أراضي الآخرين.. هذه هي المشكلة الجوهرية فلماذا تحاول بعض الهيئات الدولية أن تكرر طريقة «النعامة» بدفن رأسها بالرمال؟إن على مجلس الأمن أن يكون أميناً في تصرفاته وجريئاً في وجه مرتكبي خطيئة الشرق الأوسط التاريخية، إنه لمن المؤسف والمضحك المبكي أن نرى ونسمع قادة كبرى الدول العظمى المتشدقة بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان تعترض على وقف إطلاق النار، وهذا يذكرني بقول ذلك الشاعر: أسر امرئ مغتصب في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب أعزل مسألة فيها نظر إن المتابع والمراقب المحايد للمشهد السياسي العالمي يرى أن الاحتلال في ميزان العدل الدولي قد بلغ حداً بات ينظر إلى صقور الولاياتالمتحدة وقادتها بأسف وإشفاق في آن واحد، وأن هذه الدولة تنحدر بتصرفاتها وسلوكها الدولي بطريقة تنذر بفاجعة على مستقبل الأمن والسلم الدوليين، وخاصة أنها باتت تمارس ضغوطات على عدد من الحكام العرب الذين باتوا فيه غير قادرين حتى على بيانات الشجب والتنديد بما يجرى، فحتى هذا الشجب بات غير مسموح به.. وعلى فكرة فإن تصريحات الرئيس الشجاع علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية قد قوبلت بمزيد من الارتياح والتقدير لا بالوطن العربي وحسب وإنما في معظم بلدان العالم، ففي بريطانيا شارك بالمظاهرات المستنكرة للعدوان على لبنان أعضاء من البرلمان البريطاني.. وبعد هل نكتفي بهذا فقط أم لا بد من خطوات إيجابية تجاه هذا العدوان الغاشم؟ إن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به «رايس» لن يكتب له النجاح، وإن الشعوب العربية والإسلامية باتت اليوم أكثر وعياً وأكثر فهماً وإدراكاً للتعاطي مع أحداث العالم والسياسة الدولية، فعلى هذه الدولة التي تتجاهل حقوق العرب في أراضيهم المغتصبة أن تعيد النظر بمواقفها وبسياستها الخارجية حتى لا تتفاقم الأمور أكثر فأكثر، كما ينبغي عليها أن تقلع عن التلميح بالتهديد والوعيد بسوريا وبشعبها الصامد. أفراح آل الذيفاني في حفل شجي بهيج وعلى أنغام الموسيقى المزيج ما بين الألحان الفلكلورية والابتهالات الدينية تم يوم أمس الأول زفاف الشاب سامي عبدالله الذيفاني إلى قفصه الذهبي.. فألف ألف مبروك.