الخميس , 3 أغسطس 2006 م نحن العرب والمسلمين صرنا في الوقت الحاضر سريعي الاستجابة لما يبث فينا الأعداء من أفكار وثقافات ومبادئ سياسية لا تغرس فينا إلا الفرقة والخلافات الدينية والمذهبية والمناطقية، بل لا يقف الأمر عند حد الخلاف الفكري والعقائدي. إنما تعداه حتى صرنا نروج لما يريده بنا ولنا الأعداء، بل ونقف موقف المتفرج لما يصنعه أعداء الأمة والإسلام ضد هذا الطرف أو ذلك بحجة أن هذا شيعي وذاك سني وهذا مسيحي وذاك كردي أو أية فئة من الأقليات التي عاشت وتعيش معنا منذ آلاف السنين نتشارك معهم الضراء والسراء ومنذ عهد الإسلام الأول. لكنا في الوقت الحالي وفي وقت تتعرض فيه أقطار الأمة العربية والإسلامية لأخطار الاجتياح الأمريكي والصهيوني بداية بفلسطين ولبنان والعراق، ظهرت الحمية المذهبية الجامدة والعفنة التي تفرق ولا تجمع وتهدم ولا تعمر وتضعف ولا تقوي أبداً.. يغذي تلك الحمية المذهبية والفرقة كل أعداء الأمة وأعداء الإسلام الاستعماريون الغربيون والحركة الصهيونية العالمية وحكام وأنظمة العرب والمسلمين، والبعض الذين يتاجرون بفتاويهم من أشباه العلماء. بل إن بعض الأنظمة في هذا الشأن هم أشد خطراً وأكثر تمسكاً بالخلاف المذهبي الديني والعقائدي تنفيذاً لخطط وبرامج أسيادهم في واشنطن وتل أبيب، فهم أهم وسيلة للتآمر وأخطر حلقات مسلسل الاستهداف الموجه والمحيط بالعالم العربي الإسلامي، ولهذا فقد باركوا وهللوا وصفقوا سراً وعلناً لغزو العراق واجتياحه، وهم الآن يقفون موقف الشامت تجاه المقاومة العراقية تارة بحجة التطرف الديني، وتارة أخرى بالمذهبية السنية وأخرى بالتشيع. بل لم يقف الأمر عند الشماتة فقط، ولكن تعداه إلى الدعم السياسي والعسكري واللوجستي للعدوان الأمريكي وحكوماته التي تمثل خيال مآتة في العراق التي في ظلها يرتكب المحتل الامريكي كل أعمال الإجرام والفظاعة والتجبر ضد المواطنين الآمنين والمدنيين في العراق، وهكذا يواصل أغلب الحكام العرب نهجهم إذا استثنينا الرئيس علي عبدالله صالح من أولئك الحكام لمواقفه القومية التي قام بها أو اتخذها عند كل نائبة تحل بالأمة العربية أو الإسلامية.. أقول وهكذا يواصل الحكام العرب أو أغلبهم سلبياتهم وتآمرهم المتخاذل على قضايا الأمة ودعمهم الصريح والواضح للعدوان على الأرض العربية وإنسانها متذرعين أحياناً بالخلاف المذهبي السخيف. يجسد ذلك موقفهم من حركة حماس وحزب الله بحجة أنهم متطرفون أو أنهم شيعيون، والحقيقة أن ذلك مجرد مبرر يخفون جبنهم وتآمرهم ودعمهم للعدوان الاسرائيلي الامريكي في فلسطين ولبنان. ذلك لأنهم أي أولئك الحكام والأنظمة العربية وجدوا أنهم في ورطة أمام شعوبهم، فلم يجدوا سوى ذلك المبرر الذي لا ينبئ إلا على جهل وسذاجة وتهرب من مواجهة الحقيقة التي تؤكد أنهم من باع الأمة وشعوبها وخيراتها بثمن بخس ضماناً لبقائهم على عروشهم وكراسيهم.. أما مسألة تطرف حماس وتشيع حزب الله فهذا لا يعيب أبداً ما دام ذلك يصب في مقارعة العدو وطغيانه. وإذا كانت حركة حماس تعتبر حركة متطرفة، وإذا كان حزب الله متشيعاً لآل البيت آل محمد رسول الله وآله الطيبين الطاهرين، فكلنا متطرفون ذلك التطرف الذي يقلق أمن أمريكا واسرائيل، التطرف الذي لا يعد شيئاً أمام تطرف اليهود والصهيونية ضد العرب والمسلمين، كما أننا كلنا شيعة لمحمد صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته إذا كان ذلك التشيع سيكون عامل صمود وتحدٍ وإقلاق لإسرائيل وكل العالم الغربي المستعمر وكل العملاء في الساحة العربية والإسلامية من حكام ومحكومين. وهذا يجرنا إلى القول أنه إذا كان الحكام العرب والمسلمون تبين أن لا خير فيهم فإن المهمة القومية والإسلامية أصبحت مناطة بكل الأحزاب والمنظمات المدنية وكل النخب العربية والإسلامية لينهضوا بدورهم ويعملوا على شحذ الهمم لكل المواطنين العرب والمسلمين، ولفتح باب الجهاد والتبرع بالمال وبكل ما يمكن أن يساعد المقاومين على قهر الأعداء وعلى الصمود والتحدي أمام قوى الظلم والجبروت، فهذا سيكون أكبر وأفضل عمل شعبي وجماهيري تقوم به الشعوب العربية بعيداً عن حكامها وبعيداً عن الضغوط التي تمارسه الهيمنة الأمريكية هنا وهناك لعرقلة عجلة التحرير ولإطالة أمد البقاء بلا احتلال الأمريكي في العراق والصهيوني في فلسطين ولبنان.. وبهذا التحرك الشعبي الذي أشرت إليه سنكون قد قدمنا دعماً لا مثيل له للمقاومة الفلسطينية ولحزب الله والمقاومة اللبنانية. وأعتقد أن الجهاد في فلسطين ولبنان هو أفضل من ذلك الجهاد في أفغانستان الذي خدم أمريكا، والذي بعد أن استنفدته أمريكا قلبت للمجاهدين وجه العداء وسمتهم إرهابيين بعد أن كانوا مجاهدين بنظر أمريكا وبعض الحكام العرب وبعض الأحزاب والمنظمات المتأسلمة الذين فتحوا صناديق التبرعات في كل مسجد وكل زاوية وكل موقع إسلامي في داخل الأرض العربية والإسلامية بل وكل بقاع العالم تباركهم أمريكا والحركة الصهيونية بحجة محاربة الشيوعية مع أنه والله أن الشوعية كانت أرحم من الامبريالية الأمريكية الاستعمارية.. فالإسلام محارب عند هؤلاء أكثر وأشد من محاربة الشيوعية له. فحيا على الجهاد في كل أرض عربية تتعرض للاجتياح أو الغزو أو الاحتلال أو الاغتصاب، دعوة يجب أن تطلق كما أطلقت في السابق ضد الاتحاد السوفيتي سابقاً لمصلحة أمريكا قبل أن تكون لمصلحة الإسلام والمسلمين، فالعراقوفلسطين ولبنان هي أيضاً أرض إسلامية وشعوبها شعوب إسلامية تتعرض ويتعرض الإسلام فيها لكل أشكال العسف والظلم والتشويه والتمزق إلى شيع ومذاهب يجعلوننا نحارب بعضنا البعض بدلاً عنهم أولئك الغزاة والصهاينة والأمريكيين. الوحدة العربية الإسلامية بين شعوبها ومذاهبها وأطيافها فرض وواجب ديني يحتمه أمر الله سبحانه وتعالى بقوله «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» صدق الله العظيم.. فلا ندع الحكام المتخاذلين ينسونا أمر الله وطاعته، ولا ندع لتمزقنا أن يكون خدمة لأعدائنا الذين لا يحبون لنا الحياة، فما نحن العرب والمسلمين وكل شعوب العالم إلا مجرد أتباع وخدم وأنعام لمن يسمون أنفسهم شعب الله المختار كما تقول بذلك توراتهم المحرفة وتلمودهم البغيض الذي فيه من النصوص ما تقشعر له الأبدان تجاه من هم ليسوا يهوداً.. فهل نعي ونفهم ونتحرك ولو مرة واحدة لما يصلح حالنا ويضع حداً لمن يريدون قهرنا؟ اللهم أنعم علينا بالفهم والإدراك وقوِ عزيمتنا بالإسلام.. إنك قريب مجيب الدعوات يا أرحم الراحمين.. آمين..