الخميس , 31 أغسطس 2006 م ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المقاومة هي الخيار الفاعل في مواجهة الاعتداءات على الأمة وقرارها وسيادتها واستقلالها، وثبت بالمقابل وبنفس الدرجة من اليقين أن أعداء الأمة يمتلكون مخططات استراتيجية للهيمنة على الأمة وطمس معالمها وإزالة هويتها، وتدمير بنيانها، وإلغاء دورها الرسالي، ومواراة فعلها وموروثها الحضاري، وتحويلها إلى أمة مفككة الأوصال مقطعة المواطن، محصورة بانكفاء كل قطر على ذاته، وإشغاله بما فيه من ثأرات ونزاعات طائفية، وخلافات مذهبية، وتباينات سياسية، وتناقض في المصالح، وغيرها. وقد تطلب إمضاء هذا المخطط الاستراتيجي، القيام بعدد من الخطوات، تأتي في مجملها على كل ما سبق وإشاعة أشكال من الفعل السياسي والاجتماعي لا تستند إلى مرجعية عقدية وهوية قومية أو إنسانية وحضارية سواء كانت تمتد إلى الرسالات السماوية وبدرجة أساسية إلى الإسلام العقيدة والمنهج والشريعة، أو إلى عقائد وضعية ومبنية على فكر واضح، وخط رسالي محدد، وأهداف مجتمعية ترتقي بالإنسان فرداً ودولة ومجتمعاً وتحرره من الذل والخنوع، وعبادة المنافع والمصالح الضيقة وغير المشروعة على حساب المنفعة العامة والمصالح العليا للمجتمع الذي ينتمي إليه الإنسان ويعيش في ظله، ومن هنا جرد الأعداء «الحركة الصهيونية العالمية» حرباً شعواء على ثلاث حركات مجتمعية رئيسة بنيت على عقائد ربانية ووضعية وشكلت كل على حدة أيدلوجيا سياسية، تقود إلى بناء دول وفق رؤية كل منها ومع اختلافها الواضح وتناقضها في الأفكار والمعتقدات، إلا أنها التقت في قاسم مشترك هو مواجهة الصهيونية وطغيان النظام الرأسمالي، وفساد الامبريالية العالمية، هذه الحركات هي: 1 الحركات الإسلامية. 2 التيارات القومية. 3 التيارات الاشتراكية «اليسارية». واستغرقت الحرب الظالمة والإجرامية عقوداً طويلة من الزمن تجاوزت الثمانية عقود في أقرب تحديد، واستخدام الصهاينة في واشنطن وذراعها المزروع في فلسطينالمحتلة مختلف الأدوات والوسائل لزرع الفرقة وبذر الخلاف، والتأهيل للتناقض في القيم وجذور الانتماءات الضيقة الإسلامية، والمذهبية والطائفية. ومن تلك الأدوات والوسائل المصطلح وكان أهمها حيث أدخلت النخب والحركات السياسية في معركة المفهوم التي استغرقت زمناً طويلاً، ولا تزال في بعض جوانبها قائمة، وخرج العلماء بعد فترة طويلة من الافتراق إلى حقيقة كان ينبغي إدراكها مفادها أن معالم التباين لا تشكل خنادق افتراق واحتراب، بقدر ما تمثل خصوصية في الرؤية، لكنها تلتقي مع الآخر في كثير من جوانب العمل، والتي تشكل ثوابت وقواسم مشتركة، تسمو وتعلو على التناقضات التي ينبغي تحويلها إلى روافد ومعززات للفعل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي العام، الذي يتكون به الإنسان وتصقل شخصيته، وبالفعل بدأ العقلاء بتشكيل أطر للحوار لتحقيق التقارب وبناء الأرضية المشتركة والاتفاق على الثوابت والقواسم المشتركة للعمل المشترك، ومن أهم هذه الأطر: المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، وملتقى الحوار والتي جمعت الأطراف الرئيسة الثلاثة، وقطعت عبر سلسلة طويلة من اللقاءات العلمية والفكرية والسياسية خطوات متقدمة في تضييق الفجوات، وظهر ذلك بتبني هذه الأطراف لمواقف عبرت عن الجميع، في دعم قضايا الأمة وقضايا التحرر والإنسان، كان من الصعب أن نقرأها على النحو الذي صدرت عليه. وهكذا يمكن القول علينا أن ندرك من نحن، لندرك ماذا نريد وفي هذه الأطر المنهجية السليمة للإجابة، ومنهجية مناسبة لتأصيل ثقافة المقاومة، وتأطير المواجهة في سياق الدفاع عن الأمة ووجودها، ودورها وتحرير الإنسان من الاستلاب والتبعية، وعقدة الخوف، ووضع النظام العربي أمام مسئولياته في فك القيود التي جعلته يقف مواقف مذلة ومخزية في نصرة الشعب العربي في فلسطين، ومن ثم العراق. وأخيراً وليس بآخر لبنان والمقاومة الوطنية والعربية والإسلامية في هذه الأقطار التي تعيش حالة من الاحتلال والعدوان المنهجي البربري البشع، حيث كان بعض النظم العربية إما داعماً وناصراً للعدوان أو صامتاً لا يملك حيلة ولا يقوى على فعل شيء، أو مهرجاً يلعب في مسرح لا جمهور فيه، وبنص ممسوخ يسهم في إحباط الأمة وتثبيط همم المقاومة وعزائم الرجال الذين أراد الله لهم أن يكونوا في صف الحق، صف المقاومة، صف الانتصار الذي لا شك آت. ولنا وقفة على أكثر المفاهيم خطورة وتأثيراً على حركة القوى والنخب السياسية والفكرية في أقطار الأمة. - والله من وراء القصد.