المنتديات الثقافية التي أضحت منتشرة في كل محافظات الوطن تقريباً، سوى كان منها الحديثة العهد أو التي لها نشاط منذ زمن، أصبح الغالب منها للأسف الشديد وكأنها لوكندات، حيث سيطر عليها مضغ القات وتوابعه مما أضفى لهذا المنتدى أو ذاك اللا مبالاة وعدم الجدية وحال دون ذلك من جدية التعامل مع أهدافها في التوعية ونشر الثقافة والغاية التي تم إشهارها على أساسه، إذ لا يخلو منتدى أدبي أو ثقافي إلا والنبتة الشيطانية ترافقه إلا من رحم ربي. وهذا استثناء، يكاد يكون نادراً، فإذا كنا نسعى من خلال هذه المنتديات الأدبية والثقافية لتوثيق تراثنا التليد ومناقشة طرح أو فكرة معينة أو قضية ذات بعد اجتماعي أو ثقافي أو بيئي نراها تؤرق مجتمعنا، فالأحرى بنا أن نربط القول بالفعل ونكون صادقين مع أنفسنا قبل الغير.. إذ كيف سنقوّم الآخرين ونحن معوجون، ثقافتنا مجرد جلسات يتداعى لها عدد محدود مقصور على الشلة بين أربعة جدران أقرب ما تكون إلى لوكندات لقضاء وقت نتمتع فيه بالساعة السليمانية ثم ينفض المولد. ماذا قدمنا لغيرنا، هل حققنا ما نصبو إليه من أهداف رفعناها حين التأسيس..؟ هكذا هي عوائق الدهر تثنينا عن الصواب ونكابر بأنفسنا دون وقفة مراجعة نقيّم فيها أنفسنا. ساداتي الكرام القائمون على المنتديات ممن تحملون مشاعل الفكر والثقافة، الوطن بحاجة إلى قدراتكم وأنشطتكم المختلفة، لا تقيدوا أنفسكم بين أربعة جدران، وليكن شعارنا جميعاً منتديات بلا قات.. مفتوحة لمن أراد أن يسهم حضوراً ومناقشة، حتى تبلغ المنتديات الغايات المرجوة منها وتحقق ما تصبو إليه من تطلعات وأمانٍ وطموحات. لا شك أن للمنتديات الثقافية والأدبية فوائد جمة بما من شأنها رفع وإيقاظ الوعي الثقافي لدى المجتمع ،بالرغم من المثالب التي تكتنف هذه التجمعات الأدبية والثقافية والتراثية. يحدونا الأمل بأن تكون هناك منتديات ثقافية وأدبية خالية من سموم القات ودخان السيجارة وشيشة المعسل، وعلينا أن نقف وقفة جادة وموضوعية أمام تلك الظاهرة التي جعلت من المنتديات نسخة قريبة الشبه من اللوكندات، علينا إشراك كافة فعاليات المجتمع في الحراك الثقافي والعمل سوياً للقضاء على هذه الظاهرة القبيحة أو على الأقل الحد من تعاطي القات داخل المنتديات لرسم صورة جميلة لها تدفعها لتحقيق غاياتها النبيلة وتبعدها عن الصورة التي ارتسمت لها بسبب تلك الوريقات الخضراء.. ولتكن منتديات ثقافية وأدبية بالفعل قبل كل شيء آخر.