مع بداية كل عام دراسي جديد تتجه الأنظار وتتوجه الاهتمامات قبل كل شيء نحو المستلزمات المدرسية التي هي وسائل التعليم التي لا غنى عنها، ولا يمكن أن تتم عملية دراسية تعليمية بدونها مهما كانت الظروف ومهما تكن الأساليب التعليمية المتبعة. في مقدمة هذه المستلزمات أو الأدوات أو الوسائل القلم والدفتر وملحقاتهما من حبر أو برايات ومسطرات وحقائب مدرسية وغيرها من المسلزمات التي يعرفها الجميع ويحتاج إليها. ما أود أن أقوله هنا مع كل الرجاء والأمل والأمنيات أن يصل هذا القول إلى من يعنيه الأمر أمر التعليم وأمر مستقبل الأجيال الذي هو مستقبل هذا الوطن ولا أظن ولن أظن يوماً أن هناك من لا يعنيه هذا الأمر، فالمسئولية واقعة على الجميع مع اختلاف قدرها بين شخص وآخر حسب موقعه وارتباطه، هذه المسئولية تجبر أصحابها على ضرورة النظر لنوعية وجودة هذه الوسائل والمستلزمات التي نراها تتزاحم على أبواب المكتبات والمحلات الأخرى وعلى أرصفة الشوارع في سائر المدن. لقد طغت الألوان البراقة الجذابة الخداعة على الجودة بصورة لم تعد معقولة في زمن يفترض أن تحكمه المواصفات والمقاييس والرقابة على كل المنتجات في مواجهة الغش الذي صار أسلوباً إنتاجياً وبضاعة تُسوق قبل غيرها من السلع والمنتجات في الأسواق المختلفة. كنا نتحدث عن الغش في الامتحانات على أنه طامة التعليم، وهو كذلك بالفعل، فإذا بالغش يستشري في جسد التعليم من وسائله ومستلزماته وأدواته أقلاماً وأوراقاً وحقائب وكل ما يحتاجه الطالب في دراسته، نتيجة لغياب الأمانة والمسئولية عند كل أطراف العملية. عندما تسمح الجهات المعنية بتجارة وسائل ومستلزمات التعليم المغشوشة فإنها تؤسس لسلوك الغش المدمر للمجتمعات بما يحدثه من خسائر اقتصادية وأخلاقية عندما تسيطر ثقافة الغش على كل شيء. أتعاطف كثيراً وغيري كذلك مع ذوي الدخل المحدود أو المعدوم عندما تخدعه الألوان وتغريه الأثمان أحياناً، ظناً منه أنه قد استطاع شراء مستلزمات المدرسة لأبنائه ليكتشف أن مجموع ما قام بشرائه لا ينفع بشيء وأنه قد خُدع، ومثله الكثير على مرأى ومسمع الجهات المعنية التي تقع عليها مسئولية حماية هذا المواطن وغيره من الاستغالال ومن التزوير والغش الذي طال حتى أقلام الصغار ودفاترهم وقنينات الماء التي يحملونها إلى المدرسة لمواجهة الظمأ، فلا سلمت الأقلام ولا سلمت الحقائب وقنينات الماء.. وبذلك أصبح الغش وأمسى سلطان السوق بمنتجاته المحلية الصنع والمستوردة على أسس من الغش وبطلب من المستورد لها. قد يقول قائل إن لكل سلعة ثمنها وإن على المشتري أن يختار من البداية، لكننا نقول إن الحقيقة ليست كذلك، لأن المغشوش لا ينبغي وجوده وبالتالي لا ينبغي بيعه بأي ثمن وإن كان ثمنه زهيداً، لأنه في حقيقته لا يساوي شيئاً، أما أن يطرح في الأسواق بحالته تلك فلن يسلم الكثير من زيفه مهما تعالى الحذر لديهم. إن أخطر ما في هذه العملية التجارية القائمة على الغش بالإضافة الى أضرارها النفسية على المشتري الفقير وأضرارها الاقتصادية أنها تؤسس لقيم الغش والتزوير عند الصغار وربما عند الكبار ولو بدافع الانتقام، وهي بذلك تعيق الطالب وتولّد لديه حالة من الإحباط، خصوصاً أولئك الذين لا يجدون متسعاً من المال لتعويض المفقود المغشوش، ولهذا نعيد الصرخة أن أوقفوا هذا الغش، أوقفوا هذه الفوضى!!