تُقصف عقولنا بين فترة وأخرى بمصطلحات وشعارات سياسية براقة، يراد لها أن تُفرض بقوة كأمر واقع علينا نحن العرب بالذات، وكثيراً ما تظل تتردد أصداءها ليل نهار خلال فترة ما، ويتم التفنن في تصويرها أنها حسنت المقاصد وتهدف إلى نشر القيم المثلى التي نجهلها حسب ما يروجون له، وقد انهالت علينا تلك المصطلحات والشعارات بكثرة وبصورة لم يسبق لها مثيل من ذي قبل بعد انتهاء الحرب الباردة واستفراد الولاياتالمتحدة بقيادة العالم وبروز القطب الأوحد. مصطلحات وشعارات بدأت بصدام الحضارات ونهاية التاريخ وما تبعهما من مصطلحات وشعارات أخرى، حرية التجارة والعولمة.. وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي وقعت في الولاياتالمتحدة أصبحت المصطلحات والشعارات تطرح بقوة أكبر مدعومة بقوة عسكرية غاشمة تطرح من ليس معي فهو ضدي، فجرت العالم خلفها لمحاربة الإرهاب، والذي إلى الآن ما زال مجرد مصطلح مبهم غير محدد المعالم، فمصطلح الإرهاب لم يتم الاتفاق على معنى محدد له، الولاياتالمتحدة وحدها تدرج من تشاء وتحذف من تشاء من قائمة الإرهاب التي حددتها لنفسها أدرجت فيها الفصائل المقاومة للاحتلال التي تقر بمشروعيتها كل المواثيق والأعراف الدولية، ثم أخذت الولاياتالمتحدة في نشر مصطلحات أخرى تبشر بنشر الديمقراطية والحرية في العالم العربي والإصلاحات السياسية.. وهكذا وصولاً إلى الشرق الأوسط الكبير الذي أصبح خلال ضرب لبنان وقصف مدنه وتدمير بنيته التحتيه وحصاره من كل الاتجاهات وتدمير غزة وحصار المدن الفلسطينية شرق أوسط جديد بشرت بولادته الحسناء كوندوليزا رايس، لكن المقاومة الإسلامية اللبنانية أجهضت ذلك المشروع واندثر بانتصارها على آلة التدمير للدولة العبرية، وأعادت المقاومة الأمل بإمكانية الوقوف في وجه الهيمنة والغطرسة الإسرائيلية وإفشال المخططات الرامية إلى السيطرة على المنطقة وإعادة رسم خارطة جديدة لها تلبي المصالح الأمريكية وتعطي التفوق لربيبتها إسرائيل. لا شك أننا خلال الفترة القادمة سنعايش مصطلحات وشعارات جديدة وفق متطلبات المرحلة، علينا إدراك مضامينها وفهم الغاية منها، لكن ما يؤسف له أننا خلال الفترة الماضية وجدنا من يروج لتلك المصطلحات والشعارات وينساق إليها من بيننا، ووجدنا بعض المثقفين يتبنونها ويدافعون عنها ويسوقونها لنا، وللأسف الشديد أيضاً أن الكثير من فضائياتنا العربية ترددها علينا ليل نهار هكذا بدون تفحص لمراميها البعيدة التي تهدف إلى تقبلها وكأنها أمر حتمي لا مفر منه. يجب علينا أن لا ننساق وراء تلك المصطلحات والشعارات وأن نتفحصها جيداً، وتقع جل المسؤولية في ذلك على مثقفي ومتعلمي هذه الأمة في استبصار الناس حولها وليبعدوهم عن متاهاتها، فهل يقومون بدورهم حيال ذلك أم سيظل الحال على ما هو عليه مجرد متقبلين ننتظر الجديد والقادم ونظل في نفس الدائرة..؟!