على المسلمين أن يدركوا وعلماؤهم قبلهم أن المساجد لله.. عمارة وعبادة.. فإن خرجت عن ذلك ووظفت منابر، أعمرت بناءً لأهداف تضر بأمة الاسلام أو لدعوات غير الدعوة الى الله والإرشاد والتوجيه وإصلاح حال الناس، والحفاظ على توادهم وتراحمهم، وتعاونهم، وتعاضدهم، ووحدتهم صارت لما أقيمت له.. وهنا يكون الله براءً منها لأن فيها إضراراً وعمرت، وأقيمت ضراراً.. حيث يقول الله سبحانه وتعالى: «والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين، وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أرددنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون» صدق الله العظيم.. انظر، وأقرأ، وتمعن أخي المواطن في الآية الكريمة رقم (107) من سورة التوبة.. وتدبر في مفرداتها ضراراً وكفراً، وتفريقاً، وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى، والله يشهد أنهم لكاذبون-هذه المفردات تؤكد في الآية الكريمة أن هناك فئات تلبس أثواب الدين، وترتدي عباءات الإسلام، وتدعي طريق الهداية.. وتتخذ من المساجد منابر لإثارة الفتن، والتفريق بين المسلمين والمؤمنين.. بدعواتها المذهبية والطائفية وتحرض هذا على ذاك، وهذا المذهب على الآخرين، وتثير هذه الفئة أو الطائفة على تلك الفئة أو الطائفة، وتدعو الناس للخروج والعصيان والفوضى.. وخلال كل هذا تحلف الأيمان وتقسم بالله أنها من الهادين الى سواء السبيل، وأنها لا تريد إلا الحسنى.. وهي تكذب وتعلم أنها تكذب، وإذا لم تعلم أنها تكذب.. فإنها تجهل.. وفي كلا الحالتين لا يجب أن يسمح لمثل هذه الفذات أن تصعد على منابر المساجد، لأنها تهدد أمن الأمة واستقرارها، وسلامتها وتشكل معاول هدم، وفتنة وتفريق وتمزيق للمؤمنين.. وهو مالا يرضى به الله، ولا يقبل به، بل إن هؤلاء يغضبون الله ورسوله.. الأمر الذي يستدعي من أولي الأمر التدخل لوضع حد لمثل هؤلاء وعدم ترك المساجد لهم يبثوا من خلال منابرها سمومهم بين صفوف الأمة فيفتنونها، ويفرقون بينها.. وإيقافهم عمل واجب حتى وإن اقتضى الأمر الى إغلاق المساجد التي يحتلونها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاه مسجد ضرار.. فالقيام في مثل هذه المساجد محرم.. ولا يجوز القيام إلا في مساجد أسست على التقوى.. فالله سبحانه يقول: «لاتقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا، والله يحب المطهرين» التوبة«108». اربط بين الآيتين عزيزي القارئ لترى أن الله يحرم القيام أبداً في المساجد التي تحدثت عنها الآية الأولى.. ويدعو الى القيام في المساجد التي أسست على التقوى من أول يوم أي من بداية تأسيسها بناءً وعبادة.. لأن فيها رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين- فأين اليوم ولي الأمر في البلاد الاسلامية، وهو يجد المساجد ويرى ويسمع أن من يعتلي منابرها دعاة فتنة وتفريق للمؤمنين.. فهناك مساجد سنية، وأخرى شيعية، وثالثة سلفية، ورابعة هادوية، وخامسة إسماعيلية، وسادسة حنبلية.. وفي هذا ما يكفي لتفريق المؤمنين الى شيع وأحزاب، وفرق وجماعات وفئات متصارعة، متناحرة تهدد الأمة أمناً ووحدة.. فأين ولاة أمر المسلمين من هذا ؟؟.