في أيام العيد.. نكتشف كم هو الزحف السكاني على المدن الرئيسية مثل «صنعاء»تعز، عدن، الحديدة، المكلا». وما يكشف هذه الحقيقة أن هذه المدن في أيام الأعياد «عيد الفطر، عيد الإضحى» تموت فيها الحياة تماماً، ويكاد المتجول في شوارعها يعتقد أنها فارغة من السكان. هذه الظاهرة تلاحظ في العيدين «رمضان وعرفة» لأن الناس في الغالب الأعم يغادرون المدن المذكورة إلى الأرياف، مديرياتهم وقراهم لقضاء العيد سواء كانوا موظفين وأصحاب أعمال حرة أو من العمال أو الطلاب أو من جنود الأمن والقوات المسلحة.. المهم أن الظاهرة تظهر مدى اجتذاب هذه المدن للسكان الريفيين لأسباب أهمها وجود تعدد وتنوع مصادر الرزق والمعاش، وتوافر مؤسسات التعليم ما بعد التعليم الأساسي، وكذا التعليم العالي، وتوافر فرص العمل، ناهيك عن مغريات أخرى كثيرة وتزايد عوامل الطرد في المناطق الريفية لأسباب أهمها النمو السكاني الكبير وتناقص كفاية الأرض لإعالتهم.. بفعل تفتت الملكية الناتج عن نظام التوريث في الاسلام.. فتصبح الملكيات عاجزة، وصغيرة عن سد الحاجة للأسرة.. مما يدفع الكثير من سكان الريف الى التوجه نحو المدينة.. وهذا مانلاحظه بالنسبة للجيل الجديد «الشباب». هذا إضافة إلى أن هناك مناطق ريفية طاردة بفعل طبيعتها الوعرة، وضيق المساحة الزراعية.. وهي مناطق دفعت بالكثير من سكانها إلى المدن، والهجرة الخارجية.. والبحث عن أرزاقهم في المدن أو خارج الوطن، وبالإمكان التمييز بين المناطق واختلاف عوامل الطرد فيها، وأيها أقدم من الأخرى. على أية حال .. الذي يهم هنا بغض النظر عن اختلاف عوامل الطرد وعوامل الجذب، للمناطق الطاردة والمناطق الجاذبة.. فإن الجامع المشترك بين كل المناطق هو استمرار ارتباط وتعلق سكانها بها، ولا يهنأ لهم قضاء أعيادهم الدينية «رمضان وعرفة» إلا فيها.. لأنهم حين يغادرون قراهم إلى المدن فإنهم يتركون لهم فيها ما يحنون إليه من آباء كبار ومنازل ومزارع ولدوا فيها، ونشأوا وترعرعوا خلالها، وتشبعوا بهوائها ومائها وخيراتها مهما كانت شحيحة.. بل ان لهم ذكريات يشتاقون إليها، وعادات وتقاليد عيدية يحبون أن يحييونها.. ويعودون إليها.. كأي مخلوق يحن ويشتاق إلى الأصل. وهكذا نجد أن معظم سكان المدن هم من الأرياف الذين مازالت ارتباطاتهم بأريافهم قوية.. تجذبهم إلى قراهم سنوياً في عيدي «رمضان وعرفة» إليها .. لترتاح منهم ومن ضجيجهم المدن الرئيسية نحو عشرة إلى خمس عشر يوماً سنوياً.