الهجرة الداخلية أي الهجرة من الريف إلى المدينة أصبحت ظاهرة من الظواهر الخطيرة التي ستكون لها انعكاسات سلبية على حياة المجتمع بأكمله فمن الملاحظ وكل من يذهب إلى الريف وخصوصاً في مواسم الأعياد الدينية سيلحظ هذه الظاهرة ففي الماضي كانت القرى تمتلئ بالناس الذين يعودون إليها من مهاجرهم سواءً كانت مهاجر داخلية أو خارجية أما اليوم فحدث ولا حرج ترى القرى وبمختلف محافظات الجمهورية وفي مقدمة هذه المحافظات محافظة تعز التي أصبحت الهجرة الداخلية تتصدر كل المحافظات فما نلمسه وما نلاحظه تناقص عدد السكان في القرى وبشكل ملحوظ والسبب غزارة الهجرة إلى المدن فأصبحت عشرات إن لم أقل المئات من المنازل خاوية على عروشها لهجرة السكان فيها إلى المدن كما أن الأرض الزراعية أهملت ولم يعد هناك من يخدمها لتجود بعطائها كما كانت في سالف الأزمان القريبة والبعيدة ،الريف اليمني أصبح مهدداً بفعل جنون الهجرة الجماعية وهنا لابد من التفكير الجدي لكل المهتمين وفي مقدمة الجميع بالطبع الحكومة لتتلمس الأسباب والمسببات الحقيقية لهذه الهجرة وفي اعتقادي إن أهم الأسباب تتمثل في خلو الريف من المشاريع الخدمية والإنتاجية والتي تعتبر من وسائل الجذب والبقاء في الريف بينما الحكومة لم تفكر في هذه الأسباب والمطلوب الآن وللحد من الهجرة الداخلية لابد من توزيع المشاريع الخدمية والإنتاجية خصوصاً تلك التي تستوعب عمالة كبيرة على مناطق الريف أو في المدن الثانوية القريبة من مناطق الأرياف فإذا تحقق ذلك فإن الناس لن يجدوا مبرراً للذهاب إلى المدن لأن وسائل الرزق وعوامل الاستقرار وقد توفرت لهم كما أن على القطاع الخاص أن يسهم وبفعالية ببناء مشاريعهم بعيداً عن المدن الرئيسة استكمالاً لجهود الحكومة في هذا الخصوص، كما أن الاهتمام بالزراعة ومساعدة الفلاحين ومدهم بالبذور والآلات عامل مهم من عوامل البقاء في القرى أقول هذا لأن الموجة الكبيرة من الهجرة إلى المدن سوف تنعكس سلباً على الجميع لمحدودية الخدمات الصحية والتعليمية والطرق ووسائل المواصلات وغيرها من الخدمات الضرورية كالازدحام السكاني الذي ينتج عنه مشاكل اجتماعية كثيرة كالاختلالات الأمنية وعدم كفاية المياه والكهرباء إلى غير ذلك من الظواهر السلبية، وكلنا يعلم أن ليس هناك خطط أو برامج استيعابية لما هو قائم في مدننا الرئيسية فماذا عن عشرات الآلاف التي تفد إلى المدن للسكن الدائم فيها فكل هذا يسبب الضغط الكبير على كل الخدمات، في الأخير نقول إن الأمر لا زال ممكناً إذا استشعرت الدولة مسئوليتها والقطاع الخاص دوره المساند للحكومة لكبح جماح الهجرة المتدفقة على المدن من خلال الخطط والبرامج الاقتصادية التي تضعها الحكومة بإعطاء الأفضلية للمشاريع ذات الكثافة العددية للريف وللمدن الثانوية حتى يكون هناك إنصاف في توزيع المشاريع سواء كانت خدمية أو إنتاجية ومنها ترتاح المدن الرئيسة من زحمة السكان ومن مشاكل ذلك الزحام والفائدة سوف تعم الجميع ريفاً وحضراً. رابط المقال على الفيس بوك