الزائر للمدارس اليمنية الحكومية والأهلية على حد سواء سيجد كماً هائلاً وازدحاماً.. بل اكتظاظاً طلابياً على مستوى جميع الفصول الدراسية.. ويزداد هذا الاكتظاظ وضوحاً في الصفوف الأساسية، ويكون أكثر ازدياداً في الصفوف الأولية من التعليم الأساسي؛ أي الصفوف من «13». سيقول قائل: طيب.. وأين المشكلة؟! وفي هذا التساؤل نفسه كارثة، لأن عدم استيعاب المشكلة، وأين تكمن، من قبل كل الناس، وإحساسهم بخطورتها لما لها من نتائج سلبية لا تنحصر في الجانب التعليمي التعلمي، وإنما تؤثر سلباً على التنمية، وعلى الأوضاع الاجتماعية، ابتداءً من الأسرة فالمجتمع كله. إنها المشكلة التي يجب أن يحس بها الناس جميعاً، ويتعاونوا جميعاً على الحد منها وحلها.. ولا شك ان الناس بحاجة إلى التوعية، وأمر التوعية يحتاج برنامجاً إعلامياً وثقافياً ودينياً منتظماً تسهم في تنفيذه كل مؤسسات المجتمع إعلامية، وثقافية، ودينية، وشبابية، وتربوية وإبداعية، ومحلية، ونقابية مهنية، وصحية، واجتماعية، وكل مؤسسات المجتمع ذات الصلة. إن المشكلة تكمن في النمو السكاني الذي يمثل في اليمن من أعلى المعدلات العالمية.. سواء من حيث النمو الطبيعي، أم من حيث ارتفاع نسبة الخصوبة، وهو نمو مازال مستمراً رغم كل الجهود التي تبذل من قبل الدولة، ومن قبل بعض المؤسسات لتنظيم النسل والمباعدة بين الولادات.. وهو ما يشكل خطراً كبيراً على تحقيق تنمية شاملة، ويعوق الجهود الرسمية الرامية إلى رفع وتحسين مستوى المعيشة، وتحسين ورفع مستوى الخدمات التعليمية والصحية، بل يؤدي سنة بعد أخرى إلى تدني وتراجع مستوى المعيشة والخدمات عموماً، ولارتفاع نسبة الفقر، والبطالة وبالتالي يخلق إن لم يكن قد خلق وأضر بالاستقرار الأسري، أي الإضرار باستقرار الخلية الأولى للمجتمع.. وهو ما ينعكس سلباً على الاستقرار والأمن الاجتماعي بصورة عامة، فيصاب المجتمع بالكثير من الأمراض كالفساد والانحلال والانحراف .. إلخ. لذا فالتنبيه إلى المشكلة السكانية أمر في غاية الأهمية، وضرورة أن يعي كل الناس أن المسؤولية في هذه ليست مسؤولية الدولة وحدها؛ لكنها مسؤولية اجتماعية، ومسؤولية فردية؛ لأنها لا تهدد أحداً بعينه، وإنما تهدد المجتمع بشكل عام، وكل أسرة وكل فرد على حدة.. مما يدعو إلى وجوب استنفار جهودنا جميعاً لمواجهة هذه المشكلة. ويكفي أن يبدأ كل بنفسه؛ أي بتنظيم نسله وأولاده، فلو فعل كل مواطن ذلك لحُلت المشكلة.. لكني أؤكد على التوعية السكانية في كل الأحوال.