7/11/2006 ومما لاشك فيه أن التعليم يعمل على تغيير كل جوانب الحياة سواء السياسية أم الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية. وثمة مشكلة رئيسية تواجه التعليم في اليمن ، وخاصة في مرحلة التعليم الأساسي، حيث تعتبر هذه المرحلة هي المؤسسة لتفكير النشء فيما بعد، ففي هذه المرحلة يتزود الطالب بكل العناصر التي تقوم عليها الحياة كلها فيما بعد ، والملاحظ أن الطالب يتعرض لجرع خاطئة ، تعمل على تشكيله وتصوغ نمط حياته. ويبدو أن القائمين على وزارة التربية التعليم لم ينشغلوا بالمستقبل ، وبالتالي تركوا الطالب في هذه المرحلة فريسة سهلة للقراءات الدينية الخاطئة ، والتي تجرى بعيداً عن فلسفة التعليم وطرق التدريس التي تفي بمتطلبات العصر. ومن هنا حريّ بوزارة التربية والمؤسسات التابعة لها أن تعمل على إعادة النظر في النظم التربوية ، وخاصة في هذه المرحلة ، حتى تحقق تنشئة متكاملة ، تساعد النشء على مواجهة العصر ، وتؤهلهم لمستقبل آمن. نحن بحاجة إلى الكشف عن القدرات الفكرية والإبداعية الكامنة في تكوين أبنائنا الطلاب في مراحلهم الأولى. إن ما يجري في مدارسنا اليوم هو قتل للمستقبل ، فالعلاقة بين المعلم والطلاب هي علاقة محاكاة وتقليد، فالمدرس يكتفي بإلقاء الدرس والتوجيه في الأداء ، بينما يكتفي الطالب بالاستماع والحفظ والترديد ، وتنفيذ ما يلقى عليه من تعليمات ، ويمكن في مثل هذه الحالة الاستغناء عن المدرس واستبداله بشريط فيديو أو تلفزيون دون الحاجة لحضور الدرس في المدرسة . ومن هنا لزم وزارة التربية أن تعدّ المدرس الكفؤ وفق الطرق الحديثة في التدريس ، وتمنح المدرسين شهادة مزاولة المهنة حتى يتم فرز الكادر المؤهل من غير المؤهل ؛ لأن النظام التعليمي الحالي والمدرس الحالي لم يعد يتناسب مع مقتضيات العصر والتقدم التكنولوجي. وكم نتمنى أن تعمل وزارة التربية والتعليم على إعداد منهج جديد ، يقوم بإعداده فريق متخصص ، ليس بالضرورة أن نرى تلك القائمة من الأسماء التي تحفر على ظهر المنهج ، ومن تلك الأسماء وزراء تربية سابقون ، بل قد نجد على ظهر الكتاب الواحد اسم الوزير السابق والوزير اللاحق دون مبرر لذلك ، إلا إذا كان ذلك من باب التاريخ لمرحلة الوزراء. نحن بحاجة إلى منهج يأتي وفق دراسة معمقة لنوع المنهج الذي نريده والمبادئ التي بنبغي مراعاتها ، حتى نحقق الهدف المرجو من التعليم، خاصة ونحن نسعى إلى إعداد جيل جديد قادر على التعامل والتفاعل مع المستجدات المستقبلية في مختلف جوانب الحياة. الاهتمام بالتعليم في مراحله الأولى يساعد على انتظام التفكير ، وعلى تشكيل مجتمع جديد يختلف اختلافاً جذرياً عن المجتمع الذي أعاقته الايديولوجية عبر تاريخ اليمن منذ قيام الثورة وحتى الآن. إذا استطاعت وزارة التربية والتعليم أن تستفيد من مشروع تطوير التعليم الذي ينفق ملايين الدولارات في غير محلها من أن تعد المدرس الجيد والمنهج العلمي لهذه المرحلة ، فإنها تكون قد أخرجت الطالب من دائرة التضليل الحزبي والاجتماعي إلى دائرة الابتكار والإبداع والتفكير الحر المتميز، لذا يتعين على وزارة التربية والتعليم أن تعد نفسها ، وتعد الطلاب والمدرسين لمواجهة متطلبات المرحلة الجديدة. إذا استطعنا أن نعدّ الطلاب في هذه المرحلة إعداداً جيداً فإننا نكون قد ساعدنا الجامعة على استقبال مواطنين يتمتعون باستقلالية الشخصية وروح المغامرة والمبادرة. إن ما يجرى اليوم في مدارسنا هو نوع من التعليم التلقيني القائم على النظام العقابي وفق أجواء رتيبة ومعلومات تعمل على تكلس العقل وتميت الخيال والوجدان، مما يخلق تشوهات لا يمكن معالجتها فيما بعد. آن الأوان لتحرير المدرسة لكي تقوم بدورها الحقيقي في مساعدة الطالب في البحث عن الحقيقة وتحريره من الخوف والتقليد، ونقله نحو ميدان الحرية الأوسع ، خاصة ونحن قد دخلنا في شراكة مع إخواننا في الخليج ، ونحن لا نمتلك مقومات اقتصادية تقوم على الرفاه ، وإنما نمتلك عنصراً بشرياً ، إذا لم نحسن إعداده فإننا سنتحول إلى مجرد سوق لمنتجاتهم ، ولن نستفيد شيئاً مما خططنا له. إن لنا أن نحرر مناهجنا من حطين ومرج دابق وعين جالوت ؛ لأنها لم تعد معارك الجيل الجديد، فالعدو اليوم غير عدو الأمس ، وقضاياهم غير قضايا الأسلاف، لقد علمنا أبناءنا طارق بن زياد وصقر قريش وصلاح الدين أكثر مما علمناهم الزبيري وعلي عبدالمغني وأبطال السبعين وقادة الوحدة وغيرهم من الذين أسهموا في الانتقال الديمقراطي. قطار التنمية انطلق، فهل سيواصل المسير؟ - ينعقد مؤتمر المانحين لليمن في لندن بعد أيام قلائل للبحث في توفير مبلغ 48 مليار دولار لرفع مستوى اليمن إدارياً، واقتصادياً وعلمياً وصحياً وتأهيل البنية التحتية اليمنية، وكان هذا بنداً من بنود مؤتمر قمة دول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة مؤخراً، عبد القيوم علاَّو وهو أيضاً جزءاً من البرنامج الانتخابي للأخ الرئيس علي عبد الله صالح. ولا شك إن لدول الخليج العربية الدور الأكبر وخاصة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية في هذا المؤتمر لما تتمتع به من ثقة لدى الدول المانحة والتي بالتأكيد سينعكس هذا ايجابياً لصالح اليمن إن شاء الله تعالى مما يعجل في عملية انضمام اليمن إلى مصفوفة دول مجلس التعاون الخليجي وينقل اليمن من مرحلة الجوار إلى مرحلة الشراكة الحقيقة ، والاندماج مع شعوب دول الخليج العربية والذي سيجعل مجلس التعاون الخليجي أكثر قوةً واكبر تأثير إقليمياً ودولياً بعد انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي كون اليمن تتمتع بالكثافة السكانية والموقع الجغرافي الإستراتيجي، والسياسي وتعد اليمن العمق الإستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي. إن انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي فيه فائدة لليمن وللخليج معاً ولن تكون اليمن هي المستفيدة الوحيدة من هذا التجمع - كما يظن البعض خطاءً - فدول الخليج العربية اليوم هي بحاجة لوجود اليمن في مصفوفة مجلس التعاون الخليجي أكثر من أي وقت مضى في ظل التكتلات السياسية الإقليمية والدولية؛ نعم، ينعقد المؤتمر في لندن وقلوب اليمنيين وعقولهم وعيونهم متجهة إليه متسائلين ماذا ستكون نتائج المؤتمر؟ وهل هذا المؤتمر هو الفرصة الأخيرة لليمنيين كي يتغير وجه الحياة لديهم ؟ وهل ستعود البسمة إلى شفاه أطفالنا وشبابنا وننعم بالحياة كغيرنا من شعوب المنطقة؟ اليمن أثبتت للعالم أنها دولة ديمقراطية وشعبها ديمقراطي يعشق الديمقراطية ويحكم ويحتكم إلى مبدأ الشورى التي ورثها من أجداده عبر التاريخ وها نحن اليوم نفتخر بما حققناه في 20سبتمبر 2006م عندما افشل شعبنا رهان الخاسرين وقال: نعم للحياة الكريمة، نعم للتنمية، نعم للجوار الحسن، نعم للأمن للجميع، نعم للشراكة مع إخواننا في دول مجلس التعاون الخليجي..لا للتفرقة والتشرذم ولا وألف لا للإذلال والغطرسة..! ولكن نعود ونتساءل قبل كل شيء ماذا اعددنا لهذا المؤتمر ؟ و هل نستطيع فعلاً القضاء على إخطبوط الفساد؟ وهل باستطاعتنا استئصال هذا السرطان ؟ وهل الحرب التي أعلنها على الفساد فارس اليمن الأخ الرئيس علي عبد الله صالح ستنتصر حتماً على الفساد؟ نعم، إننا بحاجة اليوم إلى زرع الثقة في أنفسناو نجبر العالم أن يثق بنا وجديتنا في تغيير حياتنا وأسلوب إدارتنا للحياة. نحنُ لسنا شعباً جاهلاً كما يصفنا أعداؤنا، ولسنا شعباً خاملاً كسولاً.. فنحنُ - كيمنيين - منذُ فجر التاريخ ندير تجارة نصف العالم، وساهمنا في أعمار الدول التي أقمنا فيها وكان الفضل بعد الله تعالى إلى أبناء اليمن في إحداث التطور في العديد من الدول... فاليمن بخير ومستقبلها يبشر بالخير أيضا فنحن لسنا اقل شاناً من الآخرين، فلدينا موروثاً حضارياً نعتز ونفاخر به. ولدينا ثروات وطنية في باطن الأرض اليمنية يجب إن نستغلها كغيرنا من دول الجوار والعالم . وقيادتنا السياسية ممثلةً بالأخ الرئيس وعدت ولابد من الوفاء بالوعد فالحرب على الفساد بدأت لا محالة ولا جدال في ذلك، وما علينا إلا أن نقف أحزاباً وأفراداً في الصفوف الأولى لدعم الأخ الرئيس في حربه هذه تماماً كما وقفنا معه في الحرب ضد الانفصال عام 1994م، وجسدنا مواقفنا الوطنية يوم20 سبتمبر2006م.. فقطار التنمية انطلق، فهل سيواصل المسير؟