من المسلّم به أن في قلوب اليمنيين شعباً وقيادة مكاناً أثيراً خصّوا به الإمارات العربية المتحدة شعباً وقادة، يستأثر بالقسط الأكبر من تلك المودة والحميمية الشيخ/زايد بن سلطان رحمه الله لما له من المواقف التي لا تنسى والأيادي البيضاء التي ما اختفت بوفاته بل ظلت ممدودة بالخير والمعروف والمحبة الخالصة في خَلَفه الطيب سمو الأمير/خليفة وبقية أمراء الإمارات العربية المتحدة الشقيقة. اهتم الشيخ زايد رحمه الله ببناء الدولة الحديثة وقيادة المشروع النهضوي بثقة وعزيمة كبيرين، لم يقف الأمر به عند البنى التحتية والتطور العمراني الأفقي والرأسي، بل جعل العمق الحيوي للمشروع النهضوي الإماراتي بناء الإنسان، وتربيته بما يتناسب والدولة الحديثة، ويجعله قادراً على الدخول في شراكة متكافئة وتنافس مثمر مع العالم. كل يوم يزداد تعاطي الإماراتيين مع ذلك الطموح، يتجهزون بكل الوسائل لتحقيقه، لأن العزيمة الرابطة بين المشروع النهضوي وطموح الشعب قادرة هي الأخرى على رسم اللوحة الرائعة والجميلة لدولة الإمارات العربية الأرض والإنسان. يتفق الجميع على أن أصعب بناء في الحياة بناء الإنسان وتأهيله وتدريبه على التعايش السلمي مع الآخرين، ومن ثم تربيته على منظومة القيم الاجتماعية، وترميم جوانحه وأجنحته ليُحلّق من جديد كلما تعثر، ممتلئ بالإرادة المتجددة في عالم متغير، يتطلع على الدوام لمد جسوره الإنسانية باتجاه المجتمع الصغير والكبير، هكذا تراءى لنا الإماراتيون الشعب والقائد حزمة واحدة من الإصرار على التميز، والتحول إلى طاقة جبارة للعمل والإبداع، يرسمون معاً الوجه المتناسق للعربي الجديد. ثمة لوحة جديدة رائعة أبدعها الإماراتيون بعدما كان الشيخ زايد رحمه الله قد حفر في وعي كلٍ منهم لوحات متناسقة تزاوج بشكل عصري بين ثقافة البناء وضرورات التعايش والوعي بالآخر وقبوله وأهميته للحياة، وعدم التخوف منه، ومحبة الوطن، وثقافة المحافظة عليه، ورفع جاهزية الاستشعار الوطني إلى الدرجة القصوى، تناغم عجيب بين الطموح والطموح، وفرز ذكي لكل الألوان الاجتماعية بما يعزز من هيبة الدولة، ويقوّي دور المواطن في المحافظة عليها من أي تسرب لا يخدم المشروع النهضوي للمجتمع الإماراتي. ضاق صدر الزمن العربي من أقرب المقربين إليه، ما عاد قادراً على التواصل مع الذات بشكل جيد، رغم ذلك التأزم النوعي والحضاري في المنطقة العربية استطاع الإماراتيون أن يصنعوا النموذج المغاير شكلاً ومضموناً لما تعود الإنسان العربي عليه.. أخذ الحراك الاقتصادي والإنساني في المجتمع الإماراتي يزاوج بين الحضارات البشرية في تعايش سلمي مؤسس على رابطة المصالح الاقتصادية، وأهمية ذلك في بلورة وعي اجتماعي يحترم الإنسان ويقدّر عطاءه وخدمته للبشرية كائناً من كان. نحن اليمنيين نسير في نفس المدار؛ لكن خطانا وحركتنا بطيئة نوعاً ما، شُغفنا عشقاً بالإضافات الحضارية لاخوتنا الإماراتيين، ومازالت لمسات الود والأخوّة الرائعة القادمة من الإمارات شعباً وحكومة تثير فينا النشوة وتحفر في قلوبنا لوحات محبة تقابل تلك اللوحات الرائعة التي صنعها الشيخ زايد في سد مأرب وإعادة الروح إلى البلدة الطيبة. ومازالت تتجدد الإمارات محبة ووداً في عهد خليفة ربان الخير والمحبة، ثمة تواصل حيوي عجيب بين طموح الآباء والأبناء وودهم للآخرين دون مْنٍ أو أذى أو انقطاع أو تدابر.