- هذا مقطع لشاعر لا يستحضرني اسمه الآن، ولكن اقرأوا معي: « قال: المواسم قد بدت أعلامها وتعرضت لي في الملابس والدمى، وعليّ للأحباب فرض واجب مني فكيف اليوم أن أبتسما؟! قلت: ابتسم.. يكفيك أنك لم تزل حياً، ولست من الأحبة معدما..». ألا ترون معي أنها صورة فنية حوارية لأبيات صادقة تحمل أكثر من إسقاط، وأجزل من دلالة؟! إنها حوارية بين عائل مثقل بهم إنساني استحوذ على مشاعره حتى حار، أيبتسم لإطلالة العيد، أم يهدهد دمعة من أسى وهو يستعرض في مخيلته أطفالاً له زغب الحواصل لا كسوة ولا دمية في هذا العيد، وبين الشاعر الذي يواسيه ويهدهد من مواجعه التي سببها له من وسمهم بالقول الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجه حين قال عنهم: «واعلم ان في كثير منهم ضيقاً، فاحشاً، وشحاًَ قبيحاً، واحتكاراًَ للمنافع، وتحكماً في البياعات، إنهم ذلك الصنف من التجار الجشعين». إنها لصورة تراجيدية تتكرر إبان مطلع كل،حيث تنتفخ أوداج تجارنا الأوشاوس فيجأرون «من دون احم أو دستور» بإعلان غلائهم الفاحش، ويشنقون عقول وقلوب عباد الله على زوايا «فتريناتهم» وقرون كباشهم المنتفخة البطون، وهم بفعلتهم العيدية هذه أي التجار الجشعين يدركون في دخيلتهم إنما هم يسيئون إلى هذا الوطن ومع ذلك يظل حب الوطن غالياً وراسخاً في قلوب عباد الله الطيبين. وفي مقابل هذا الجور الماحق الذي يقع على «المرضوحين» في الأرض، أقولها بكل صدق مخاطباً إياهم: رجاء جففوا المآقي واقبلوا على أطفالكم وأحبتكم في غرة العيد بابتسامة عريضة، واهدوهم قبلات حرّى وأنتم تحتضنونهم بشدة، فكل هذا لا شك سينسيهم قطع القماش الذي يبلى، والدمى التي سرعان ما تتحطم، لأنهم في دواخلهم لا ينتظرون سوى هذا منكم. و«طز» البضائع التي لا تغني ولا تسمن من جوع، والتي لا تعادل شيئاً أمام حنان القلب والحب الأبوي الصادق.. وتذكروا كلما عادكم أحد أو عايدتموه أن تبتسموا في وجهه مرددين: «العيد عيد العافية» فهي ستة أيام ستمر.. والقادم من رحم الغيب سيلطف به عليكم الرزاق العليم.. فابتسموا.. وكل عام وأنتم بخير.