لم يصنع العرب شيئاً لإخراج المحتلين من العراق، نعم من بداية الأمر جامل بعضهم الرئىس/صدام حسين باعتبار أنه سيخرج من مخبئه ويظهر من جديد كعادته في ظروف مماثلة، ولكنهم جميعاً صمتوا بعد ذلك. كان الشعب العراقي عند حسن الظن؛ فاستمر يقاوم الغزاة بشراسة الأبطال وعزيمة الرجال الصناديد الشجعان إلى درجة أن أبطال قواته المسلحة الذين سرّحهم قائد الاحتلال الأمريكي «بريمر» بدأوا يصنعون السلاح في سبيل المقاومة، وبدأ المحتل الأجنبي يتلقى الدروس تلو الدروس فيسقط أفراده بالعشرات يومياً، وإن كان الإعلام الغربي يعترف بالأفراد وحسب، وبدأت النعوش تسافر على مدار الساعة جواً إلى حيث ينبغي أن ترحل.. وبدا لصناع الغرور أن يرسموا خططاً بعد خطط كأحدث ما تنتجه عقليات المحتل الغاصب من تكتيك وما تبدعه من تكنيك، فترسل أحدث الأسلحة التي تصلح للاستعمال في كل الظروف، وتصطاد الأهداف على بعد عشرات الكيلومترات مؤيدة بتقنيات السماء والأرض، حيث الأواكس، والأقمار الفضائية ترسم كل شيء في أرض العراق وتعدم كل شيء بدقة وتحسب بالسنتيمترات؛ غير أن الله يبدي عجائب صنعه على أيدي عباده المجاهدين الذين يثورون لوطنهم وأعراضهم المنتهكة وشهدائهم العزل. إن بلداً كأمريكا بما أنجزه من ديمقراطية وما أبدعه من صناعات عملاقة استطاعت أن تسخّر الكون كله لخدمة المواطن الأمريكي، أصبحت يتجاذبها طرفان من أبنائها؛ طرف يقف على الحقيقة المرعبة وينادي بوقف رحلات النعوش الطائرة ليعود الأمريكي على قدميه بعد أن أخفق الاحتلال في أهدافه، وطرف آخر «خرجت منه كلمة» فيحسب أن هيبة أمريكا ستزول وسوف تسقط من أعين العالم إذا هو اعترف بالهزيمة. غير أنه بالأمس كان التلميذ «توني بلير» رئىس وزراء بريطانيا والحليف «للرئىس جورج بوش» أكثر شجاعة من أستاذه فاعترف بهزيمته المنكرة، وكان أكثر إخلاصاً لشعبه من رئىس أمريكا ليعلن أنه سيبدأ الانسحاب من مقبرة العراق مخلفاً العراق لشعبه الحر الأبي. إن الفضل في إلحاق الخيبة والعار للاحتلال يعود إلى المقاومة العراقية الباسلة، ولعملاء الاحتلال الذين حاولوا أن ينتقموا من تاريخ العراق ومن عروبته وإسلامه، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.