نقول، ونجزم القول: إن أي منظمة أو مؤسسة أو كيان إبداعي أو مهني أو خيري بجانب المهام والأهداف التي أنشئ من أجلها والمرتبطة بمصالح وحقوق منسوبيها فإن المصير هو الفشل، ويظل كياناً شكلياً خالياً من أي مضمون، وتصبح فاعليته مفقودة، ونشاطه معدوماً.. وهو ما ينطبق على معظم النقابات والاتحادات المهنية، حيث صارت هذه النقابات معطلة مشلولة بسبب ارتباطاتها السياسية الحزبية المنغلقة الضيقة، ومجانبتها وتخليها عن طبيعتها المهنية، وعدم اهتمامها بمصالح وتطلعات منسوبيها التي يجب أن تكون في طليعة اهتماماتها. المشكلة أن معظم النقابات المهنية إن لم تكن كلها تكاد تكون عبارة عن ساحات وحلبات للصراعات الحزبية، كلّ يريد أن يمرر رغبات حزبه، ويجعل من النقابة آلية حزبية تخدم أهداف حزبه، وهو ما يغلب على معظم الهيئات الإدارية النقابية.. وهي إشكالية تفقد النقابات دورها الوطني والقومي والإنساني، وقبل هذا وذاك تفقدها دورها المهني الذي يعنى بمشاكل وقضايا ومصالح منسوبي النقابات، مما يجعلها تخسر مرتين.. تخسر أولاً أدوارها الوطنية، وتخسر ثانياً تحقيق المكاسب المشروعة لمنسوبيها. إن المفترض والواجب أن يرتقي النقابيون في عملهم النقابي عن الانتماءات الحزبية، ويركزون على مهامهم النقابية المهنية، والتي هي همّ مشترك بين جميع أصحاب مهنة المنتمين للنقابة، الذين تمثلهم النقابة والتي لا يمكن أن تكون مصدراً للخلاف والتباين والصراع والفشل بقدر ما ستجمع وتلملم وتوحد أعضاءها في بوتقة واحدة موحدة على اختلاف انتماءاتهم الحزبية. وحين أقول هذا فلأني على ثقة أن كل نقابي ينتمي إلى حزب معين لا داعي لأن يسعى إلى توظيف النقابة التي ينتمي إليها للتعبير عن مواقفه الحزبية.. كون هذه المواقف من مسؤولية حزبه التعبير عنها بالطرق والأساليب المكفولة.. وحين يعبر ويعلن الحزب هذه المواقف أو تلك تجاه هذه القضية أو تلك فإنه يعبر عن مواقف كل أعضائه في الوطن.. وعليه لا داعي لأن يعمل النقابيون الحزبيون على زج النقابات التي ينتمون إليها لتعبر عن وجهات نظر أحزابهم.. كون النقابات لا تتبع ولا ينتمي إليها أعضاء في حزب محدد ومعين.. وإنما هي إطار مهني غير رسمي وغير حزبي، منسوبوها من جميع الأطياف الحزبية والفكرية، الأمر الذي يتطلب من النقابيين العمل بمبدأ.. «لكل حزبه، والنقابات للجميع».. ولا يجب أن تجبر أو توجه لخدمة حزب على حساب مسؤولياتها المهنية.. ويجب سحب الثقة من الهيئة الإدارية في حالة أن تخرج عن طبيعتها المهنية وتسعى لتوظيف النقابة لصالح هذا الحزب أو ذاك. لهذا فالنشاط النقابي مقتول تماماً بالحزبية، ومشلول بالسلبية، ومهانُ بالفساد، وموبوء بالأنانية والشخصانية.. وكلما يطرح أثناء الانتخابات النقابية من شعارات ووعود زيف وكذب وتدليس لاسترضاء الناخبين، والأصوات بعد ذلك حزبياً.. أما المستقلون وأحزاب الأقليات العددية فإنها تبيع لمن يدفع أكثر، وما أن تنتهي الانتخابات يعود كل أدراجه بينما تدخل الهيئات الإدارية في حالة من الاستجمام الدائم حتى يأتي موعد الدورة الانتخابية الجديدة.. دون أي مكاسب..!