صادف أمس اليوم العالمي للمياه، وبهذه المناسبة عقد مؤتمر دولي في منطقة «انطاكية» التركية بحضور كل من العراقيين والسوريين، وهما البلدان اللذان تجري فيهما مياه نهري دجلة والفرات منذ آلاف السنين، إلا أن الأتراك بدأوا منذ أربعة عقود ببناء سدود مختلفة الأحجام أشهرها سد أتاتورك القريب من الحدود السورية، والذي افتتح قبل حوالي عشرين سنة واعتبر من أضخم السدود في العالم، ومنذ افتتاحه نقصت المياه التي تجري في الفرات بصورة خاصة. الأمر الذي دفع السلطات السورية أيام الرئيس حافظ الأسد إلى حجب كمية من المياه التي يحتاجها العراقيون في وقت كانت علاقات البلدين الحزبية متوترة منذ بداية الثمانينيات كالذي حدث بين الصين والاتحاد السوفيتى السابق بقيادة «ماو تسي تونج» و«نكتيا خروتشوف» ومن بعد «برجني» ونيكولاي بودجورني» وكان كل من الطرفين يظهر حماساً شديداً في الولاء للحزب الذي يحكم البلاد رغم أن أولئك شيوعيون وهؤلاء بعثيون.. وبعد الانتهاء من بناء سد أتاتورك سمعنا عن إقامة مايربو على ثلاثين سداًَ بغرض حجز مياه الانهار الكبيرة والصغيرة التي تلتقي في مصب النهرين دجلة والفرات قبل أن تجتاز حدود البلدين، وكان لإسرائيل دور في تشجيع الأتراك على مضايقة سورياوالعراق مياها أيام حكم العسكر خاصة عهد كنعان أفريم ورؤساء الحكومات الذين كان يعينهم الجيش مثل تور جوت اوزال.. فتوسعت مساحة الأراضي التركية التي ترتوي بالمياه فيما نقصت حصة العراقوسوريا، ودخلت الدول الثلاث في مفاوضات سادتها في بعض الأوقات حالات من التشنج وذلك لتهديد الاتراك بقطع المياه أو دفع الثمن مثلما يبيع العراقيون البترول، ووصلت الأمور إلى المطالبة بتقاسم البترول وتقاسم المياه إبان حكومتي ناتسو شيلر ومسعود يلماظ في تركيا والتي خلفت أحد اكثر المسؤولين الاتراك تشدداً ضد العرب. اليوم أزمة المياه عالمية ومحلية، فبعض الدول مهددة بالجفاف نظراً لاحتمالات نضوب أنهارها الكبيرة كالصين والهند وتركيا أيضاً، وبالنسبة لنهر النيل فنحن نعرف أن نزاعاً قد حدث بين دول نهر النيل، وهي أوغندا وإثيوبيا والسودان ومصر من أجل تحديد الحصص المقررة لكل دولة بناءً على اتفاقيات بعضها يرجع إلى تاريخ الاحتلال الأجنبي لهذه الدول وسياسته القائمة على فرق تسد.. الاتراك اليوم يقولون :إن بلادهم تعاني الجفاف وإذا استمر فلن تتمكن من بيع المياه لإسرائيل والأردن ودول الخليج ومالطة كما كان قد جرى الحديث والتفاوض حول ذلك منذ فترة طويلة ..ومما زاد من حدة الخلاف مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين عرض الأخير على الكويتيين تزويدهم بما يكفي من المياه العذبة التي تلتقي عند شط العرب. ولم يبد الكويتيون حماساً للفكرة لعدم ثقتهم بأنه لن يحدث في المستقبل ما يهددهم بالعطش إذا ساءت العلاقات بينهم وبين العراقيين وقد وقع الاحتلال العراقي للكويت عام 1990م على خلفية اتهام الكويتيين بسرقة بترول الرميثة الجنوبي وبابتزاز العراقيين بشأن الدين الذي وصل إلى عدة مليارات اثناء الحرب بين العراق وايران لثمان سنوات. إن مؤتمر «انطاكية» وكما جاء في الأخبار لايناقش هذه القضايا المحددة ، بل يتعداها إلى دراسة كيفية مواجهة كارثة نقص المياه في كل أنحاء العالم وماهي البدائل والمشروعات اللازمة لما بعد نضوب الأنهار وزيادة عدد السكان والذي يتطلب بدوره زيادة المساحة الزراعية لإنتاج الغذاء الكافي لما يزيد عن ستة مليارات نسمة في غضون عشر سنوات.. وذلك يحث الحكومات على إيجاد الحلول قبل وقوع الكارثة واستغلال مياه الامطار وبناء محطات تحلية مياه البحار وتنظيم النسل، فهل ستستفيد اليمن من التحذيرات العلمية التي توافرت حتى الآن وفي الفترة المذكورة لمواجهة نقص المياه التي نعاني منها في المدن والقرى منذ عدة سنوات..؟ وكيف..؟