بقدر مانعتقد أن الحكومة تبني رؤاها وحساباتها على حقائق علمية..غالباً مانجهل بعضها في الوسط الإعلامي إلا أن آراءنا ظلت صنيعة ساحة الرأي العام والمواطن نفسه،وبالتالي فالحكومة معنية بالأخذ بها.. أمس اتصل بي أحد الموجهين التربويين الأستاذ أحمد الشيخ وعاتبني بلهجة منفعلة لأنني لم أعد أكتب عن الغلاء ومعاناة المواطن ، والسوق الذي «يشتعل ناراً» يوماً بعد آخر دون أن يجد من يكبح جماح هيجانه السعري.. حقيقة شعرت بالحرج من هذا الصديق الذي مازال يثق بأن أقلامنا هي لسان حال المواطن،فإن لم تصدقه فقد خانته.. عزائي الوحيد في هذا الموقف أنني متفائل بحكومة الدكتور علي مجور،لذلك لامفر من فتح ملف الأسعار على طاولة الأخ رئيس الوزراء لأنها لم تعد قضية يمكن التغاضي عنها لأسباب كثيرة،منها :أن معدلات الزيادة السعرية جنونية، وغير معقولة..وأنها لاتتناسب مع متوسط الدخل الشهري للمواطن(ذي الدخل المحدود) ثم لايوجد أي تطور سياسي أو اقتصادي يبرر ارتفاعها بل العكس إن مؤشرات الاستقرار العالية يجب أن تكون مسوغاً لاستقرار الأسعار إن لم نقل انخفاضها.. وليسمح لنا دولة رئيس الوزراء بأن نكون أكثر صراحة وجرأة في الطرح.. فمن خلال خبراتنا الإعلامية وتجارب بحثنا عن الحقيقة ثبت لنا تورط الحكومة أو جهات فيها بالتفريط بحقوق المواطن الاقتصادية، وأنها لم تكن جادة إطلاقاً في حماية المستهلك من بطش التجار..ففي رمضان الماضي حضرنا أول اجتماع مشترك بين الحكومة والتجار لمناقشة الأسعار، وفوجئنا بوزير الصناعة آنذاك يستهل الاجتماع بدفاع مستميت عن التجار مسوقاً مبررات لرفع الأسعار ماكان بوسع التجار الإتيان بها حتى لو فكروا أسبوعاً لأجلها فعرفنا منذ الدقائق الأولى للاجتماع أننا جالسون في قاعة لاوجود فيها للحكومة بل إن كل من بداخلها تجار.. المواطن يامعالي رئيس الوزراء وقع ضحية ذلك الواقع.. ضحية تاجر يرفع الأسعار بنسبة مائة بالمائة وبعد ضغوط يتراجع بنسبة عشرة بالمائة فيخرج المسؤول الحكومي مهللاً لهذا (الإنجاز الوطني الشريف)مباركاً إخلاص التاجر متجاهلاً أن مازالت هناك نسبة تسعين بالمائة في بطن التاجر.. المواطن ضحية مسؤول حكومي كان يصدر يومياً بيانات إلقاء القبض على المتلاعبين بالأسعار وبعد أشهر تخرج النيابة والقضاة ليؤكدوا بأعلى أصواتهم عدم وجود معتقل واحد بسبب الأسعار.. بل هناك دوريات (رقابية) تدور على المحلات التجارية لتبتز أصحابها باسم (الإجراءات الصارمة)التي تهدد بها الحكومة.. المواطن ضحية أكثر من ثلاثة ملايين كيس دقيق ضبطت في مستودعات بأمانة العاصمة أخفاها أصحابها بقصد خلق أزمة سعرية،ثم عندما ضبطوا لم تجرؤ الوزارة المعنية على مصادرة الكمية واحتجاز صاحبها بتهمة التلاعب بالاقتصاد الوطني..فكيف لايتلاعب التاجر في السوق بعد أن يعلم أن الحكومة اكتشفت أن مخزون أمنها الغذائي القومي في صوامع عدن قد بيع في الأسواق دون علمها ثم تكتمت هي ووسائل الإعلام الرسمية والمعارضة على الفضيحة ولم يجد الأخ على الكحلاني رئيس المؤسسة الاقتصادية الذي سرب الخبر من يناصره في قضية فيها تطاول على أمن قومي غذائي.. اليوم يستمر الحال على ماكان عليه ويواصل الغلاء غير المبرر حكمه للسوق..لكننا اليوم ننظر للموضوع من زاوية مختلفة..فهناك حكومة جديدة،ووزير تجارة وصناعة جديد،وبرنامج إصلاحات واسع،ورهان لايقبل المقامرة أوالمساومة..واليوم نعرف جميعاً أن الكل شركاء مع الحكومة في تحقيق برنامجها لذلك نحن أكثر جرأة في وضع ملف الأسعار على طاولة الأخ رئيس الوزراء،وإذا كان ثمة من يعتقد أننا نفتح ملفات قديمة فإننا نؤكد أن معظم اللاعبين الأساسيين فيها مازالوا في مراكزهم، فالتجار هم نفس التجار، وأجهزة الرقابة التجارية هي نفس الوجوه التي كانت تحتفل بالأزمات السعرية لتدور على التجار وتجمع الأتاوات.. ولابد للدكتور علي مجور أن يعلم أن اليمنيين يثقون به، ومتفائلون، ويترقبون أن ينتصر للقمة عيشهم.