تقدر بعض الجهات أعداد المغتربين اليمنيين في الولاياتالمتحدة بحوالي «300» ألف مغترب .. ويتركز العدد الأكبر منهم في ولاية متشيجن .. لكنهم رغم كبر حجم جاليتهم مازالوا بعيدين عن أي دور سياسي. في آخر انتخابات للبلديات الأمريكية سجل اللبنانيون والعراقيون حضوراً جيداً في الساحة رغم ان اعدادهم أقل من اليمنيين، ولم يكن من سبب لذلك سوى ان هؤلاء منظمون، والغالبية العظمى منهم من حملة الشهادات الجامعية فيما الجاليات اليمنية تقل فيها الكفاءات العلمية ومعظمهم مضطرون إما للعمل بأعمال شاقة، أو أعمال منخفضة الأجور. وبحسب معلومات يؤكدها المغتربون في الولاياتالمتحدة فإن الدور الرسمي اليمني شبه غائب والسفارات اليمنية لا يتعدى دورها أعمال الوظيفة الإدارية المرتبطة بتأشيرات السفر والمصادقة على الوثائق دونما ان يتعدى ذلك إلى جانب النشاط الاجتماعي والثقافي. هناك جمعيات لليمنيين مثل الجمعية اليمنيةالأمريكية للنشاط السياسي، وقد شهدت في بض المواسم نشاطاً فاعلاً إلا أنها كانت تعود إلى خمولها سريعاً لأنها تفتقر للآليات الفاعلة والخبرات السياسية التي كان يجب على الجهات الرسمية اليمنية مساعدتها لتطوير مهاراتها من أجل بلورة ثقل سياسي داخل الولاياتالمتحدة .. وهو ثقل قد تستفيد منه الدولة أيضاً عندما تكون في وضع يحتاج إلى رأي عام خارجي أو ضغوط خارجية. لقد تواردت إلى رأسي هذه الأفكار وأنا اراجع ملف زيارة الأخ رئيس الجمهورية إلى واشنطن فالأخ الرئيس استطاع بناء جسور صداقة متينة مع الولاياتالمتحدة، وهو الأمر الذي يشد الأنظار باتجاه الجاليات اليمنية الكبيرة التي اخفقت في موازنة الثقل الرسمي بثقل شعبي باعتبار ان الغالبية العظمى من المغتربين يحملون الجنسيات الأمريكية. لاشك ان لقاء رئيس الجمهورية بأبناء الجالية اليمنية هناك كان يتجه في بعضه إلى الغاية نفسها التي نقصدها خاصة وانه أطول لقاء يعقده الرئيس/علي عبدالله صالح مع المغتربين في الولاياتالمتحدة .. ولو صدقت الظنون فإن هذا التوجه سيكون عظيماً لو نجحت فيه اليمن في مساعدة جاليتها بأمريكا على تكوين ثقل نوعي في المجتمع السياسي الأمريكي. والحقيقة اننا لانقصد ان يتحزب المغتربون داخل الأحزاب الأمريكية، بل ان ينجحوا في الوصول إلى المراكز الحكومية ودخول البرلمان وبذلك فإنهم سيتحولون إلى أصوات عربية تخدم المصالح والقضايا العربية والوطنية على حد سواء .. فمشكلتنا في الوقت الحاضر أننا لا نمتلك ثقلاً شعبياً في الدوائر الأمريكية لذلك عندما تطرح قضية ما للتداول لا تجد من يحاول توجيهها لخدمة مصالحنا. لكن عندما تطرح قضية الصراع العربي الاسرائيلي نتفاجأ ان القرارات دائماً موجهة لصالح اسرائيل حتى لو اضطرت الإدارة الأمريكية إلى استخدام (حق الفيتو ).. وليس من سبب وراء ذلك سوى ان اللوبي اليهودي يتمتع بثقل هائل داخل الولاياتالمتحدة ويهيمن على مفاصل صنع القرار السياسي الأمريكي .. وألفت الانتباه هنا إلى ان ثقل اللوبي اليهودي لا يقتصر على الجانب السياسي بل الاقتصادي أيضاً إذ إن حوالي 55% من المؤسسات المالية الأمريكية تتبع الجاليات اليهودية وبينهم كثيرون ضمن اللوبي الصهيوني الذي يتعامل بحقد دفين إزاء العالم العربي والإسلامي. ومن هنا فإن الجاليات اليمنية في أمريكا يجب ان تعيد حساباتها في أساليب عملها بمساعدة من الجهات الحكومية اليمنية من أجل تعزيز نفوذها وتشكيل ثقل نوعي مؤثر يخدم مصالح اليمن ومصالح العرب عموماً .. وبخلاف ذلك فإنها ستأخذ مستقبلاً بالتراجع والانحسار وربما الانقراض بعد عدة عقود.