تتزامن ذكرى تقلد الرئيس/ علي عبدالله صالح دفة الحكم في 17 يوليو 1978م مع قرب انقضاء العام الأول من سباعية ولايته الرئاسية الثانية للبلاد «2006 2013م» وانجاز نسبة من برنامجه الانتخابي الفائز لرئاسة اليمن، لكنها تظل واعدة بتحقيق الهدف العام للبرنامج، المحدد في:«يمن جديد .. ومستقبل أفضل» وعلى نحو يدعونا لقرن مطلب «هات» العطاء وتوقع مزيده، بشهر «يوليو» ومايليه من أشهر كل عام. لاخلاف على جدية المضي في تنفيذ البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، ولا خلاف على طموح هذا البرنامج واستيعابه جل الآمال والتطلعات الشعبية، وحتى الآن يتجلى أبرز المتحقق من تعهدات البرنامج في خمسة نواح رئيسة، أولها إنجاز قانون إقرار الذمة المالية لكبار موظفي الدولة، الذي يفترض بدء تنفيذه مع أول حكومة تلت فوز رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية. وكل من يتم تعيينهم في مواقع وظيفية عليا يشمله حكم القانون. ثم يأتي المنجز الثاني ، إقرار قانون مكافحة الفساد في ديسمبر الماضي ثم إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وتسمية أعضاء الهيئة مطلع يوليو الجاري بالقرار الجمهوري رقم «12» لسنة 2007م بعد مجمل النقاشات والجدل الذي دار حول هذه الهيئة وقانون صلاحياتها وسلطاتها وانتخاب اعضائها وضمانات جدية مهامها وجدوى إنشائها في الحد من الفساد الإداري والمالي الذي يقابله اجماع حكومي ومدني وشعبي على استفحاله في مرافق الدولة. وبينما نعول كثيراً على تأكيد رئيس الجمهورية لدى ترأسه أول اجتماع لأعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الخميس قبل الماضي بأن «المرحلة دقيقة ومهمة ولابد أن تضطلع هيئة مكافحة الفساد بمسؤولية وطنية كبيرة وستجد كل الدعم والرعاية»،فإن المأمول أن يقر مجلس النواب قريباً ثالث قوانين مصفوفة مكافحة الفساد ومحاصرته، ونعني قانون المناقصات والمزايدات العامة وإنشاء وتسمية أعضاء الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية. يكتسب هذا القانون والهيئة المعنية بتطبيقه أهمية قصوى في ضبط مواصفات مشاريع الإنشاء والأشغال العامة، وتوحيد معايير إرساء مناقصات تنفيذها على المتنافسين،وضمان تكافؤ فرص المنافسة، وشفافية الإجراءات وصرامة رقابة التنفيذ ونزاهة هذا التنفيذ، وتضييق دائرة المسئولية المباشرة عن اختلال المعايير أو تعثر التنفيذ أو اختلاف المواصفات في جهة عامة محددة، وفي أشخاص محددين يحظون باستقلالية ،وهذا بالطبع يسد باباً واسعاً للفساد المالي والإداري في البلاد. وإذا كانت هذه القوانين الثلاثة «الذمة المالية، مكافحة الفساد، المناقصات والمزايدات» تأتي ضمن مصفوفة إصلاحات تشريعية وقانونية تهدف لإصلاح القطاع الاقتصادي والتجاري وتأمين بيئة آمنة ومستقرة وشفافة وجاذبة للاستثمار، فإن الأخير حاز حتى الآن اهتماماً خاصاً من رئيس الجمهورية ،تمثل في رعايته مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار في البلاد، وطمأنته المباشرة للمستثمرين، وإعلانه عمل اليمن ب «النافذة الواحدة للاستثمار» لإنهاء عهد التعقيدات البيروقراطية. قبل هذا كان الرئيس اصدر نهاية العام الماضي قراراً جمهورياً بدمج هيئات «السجل العقاري والمساحة وأراضي وعقارات الدولة، والطرق والاشغال العامة» في هيئة واحدة، لحل مشكلات الأراضي التي لطالما عانى منها المستثمرون في بلادنا وترافق القرار مع قرارات للحكومة متعلقة بضريبة الدخل، بضريبة المبيعات، بالمحاكم التجارية، واعداد مشروع قانون ضمان الودائع البنكية، ومشروع إعادة هيكلة هيئة المناطق الحرة، وهيكلة وتطوير الهيئة العامة للاستثمار. أما خامس أهم تعهدات البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية بإصلاحات سياسية لتعزيز العملية الديمقراطية فسائر في طريق الإيفاء به وإنجازه عبر حوار الأحزاب والتنظيمات والقوى السياسية، المستمر رغم كل شيء حول مشروع التعديلات الدستورية الثالثة المقترحة للوصول إلى صيغة وطنية موحدة للتعديلات اللازمة لإرساء الأسس الدستورية ومايتبعها من تعديلات قانونية، لمجمل الإصلاحات التي يتعهد بتنفيذها برنامج الرئيس علي عبدالله صالح. من أبرز هذه الاصلاحات الانتقال لنظام الغرفتين التشريعيتين بإقرار انتخاب أعضاء مجلس الشورى ليشارك مجلس النواب مهامه البرلمانية وبما «يوفر بناء منظومة تحليلية تؤمن تمثيلاً مزدوجاً للمواطنين في البرلمان بغرفتيه وتوازناً في ممارسة السلطة التشريعية ومراقبة أوسع للنشاط الحكومي ونجاحاً أكبر في الوظيفة العمومية» حد تعبير ممثل بلادنا بندوة الثنائية المجلسية ومساطرها التشريعية بالرباط نهاية يونيو الماضي، محمد عبدالله الجائفي عضو مجلس الشورى. ومن القضايا التي يشملها الحوار في مرحلته الأولى: تعديل النظام الانتخابي والتقسيم الإداري للمحافظات والمديريات والدوائر الانتخابية، وتطوير نظام السلطة المحلية وانتخابات رؤساء مجالس المحافظات «المحافظين» بما يعزز اللامركزية ويوسع صلاحيات السلطة المحلية وفاعليتها في التنمية «تخطيطاً وتنفيذاً ومراقبة وتطويراً» ويزيد مشاركة المرأة في عضويتها عبر تخصيص نسبة من مقاعد المجالس المحلية بنظام الكوتا «دوائر انتخابية مغلقة ترشح فيها نساء فقط». إضافة إلى الحوار حول تعديلات تطوير التشريعات الخاصة بالحقوق والحريات، ممثلة في قوانين «الأحزاب والتنظيمات السياسية، والصحافة والمطبوعات، التعبيرات السلمية، والنقابات ومنظمات المجتمع المدني» والسياسات الاقتصادية وأدواتها: «حيادية الوظيفة العامة وعدم تسييسها والشفافية في الموازنة العامة وسياسة الأجور» ومعالجات آثار الصراعات السياسية «حرب 1994» والقضايا الاجتماعية المعيقة لمسيرة التطور «الثأر، القات، الزواج المبكر، النمو السكاني ...إلخ». عدا هذه المحاور الرئيسة للمنجز والسائر بخطوات حثيثة نحو الانجاز من مجمل تعهدات البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، يلاحظ المتابع بطئاً غير مبرر في خطوات مسارات تنفيذ المحاور الأخرى من جانب الجهات المعنية بتنفيذها، يتجلى فيما نشهده حتى الآن من استمرار وتواصل انعقاد فعاليات «ورش عمل وحلقات نقاش » إعداد برامج عمل تنفيذية لبرنامج رئيس الجمهورية، آخرها قبل عشرة أيام.ورشة عمل وزارة الإدارة المحلية لبرامج تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية!! الوقت مازال في بلادنا غير مقدر كما ينبغي، لكن الظاهر أنه سيكون مقدراً في ظل تشديد توجيهات رئيس الجمهورية المتتالية للمعنيين بقطاعات : الطاقة «توليد الكهرباء بالطاقة النووية»،المياه «تحلية مياه البحر»،النقل «السكك الحديدية وزيادة الموانىء وتطويرها» الشئون الاجتماعية «توسيع شبكة الضمان الاجتماعي» العمل والخدمة المدنية «القضاء على البطالة بحلول العام 2010م»، الشباب «صندوق تيسير الزواج ،توزيع الأراضي الزراعية، وشقق المدن السكنية». كذلك توجيهاته المتتالية للمعنيين بقطاعات: «التجارة والصناعة» «ضبط الاسعار والجودة والمواصفات ومنع الاحتكار والغش» بعد اقرار قانوني «التجارة الداخلية والتجارة الخارجية» والمالية «معالجة الازدواج الضريبي والجمركي، وتطوير النظام المصرفي، وإقامة سوق الأوراق المالية»، والاعلام «تسهيل تدفق المعلومات وهامش حرية نشر المعلومات وحرية التعبير عن الرأي،وإتاحة مجال الاستثمار الخاص في الاعلام المرئي والمسموع ...إلخ». صحيح أن أحداث « فتنة صعدة» كانت وماتزال عائقاً أو سبباً مباشراً في تشتيت جهود وامكانات التنفيذ لبرنامج الحكومة التنفيذي لبرنامج رئيس الجمهورية، على اعتبار أن متطلبات البناء يتصدرها متطلب الأمان والاستقرار، الذي حالت أحداث صعدة بشكل أو بآخر، دون توافره بالقدر الكامل واللازم، لكن الأمل معقود على قبول القيادة السياسية للبلاد، بالوساطة القطرية، كفرصة أخيرة لحسم الفتنة، يجدر بأطرافها أن لايفوتوها عليهم تحت أي مبرر. وعلى كل حال يظل الأهم أن ذكرى «17 يوليو» حلت هذا العام ومثل كل عام في ظل حراك حثيث وتوجهات دائبة للأخ الرئيس علي عبدالله صالح ،نحو استكمال مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة ومؤسسات اليمن الحديث ، التشريعية، والقضائية ،والتنفيذية: الأمنية ، الاقتصادية، والتعليمية، والاعلامية، والثقافية، والصحية،والرعائية، والخدمية الحضرية، مجمل الركائز اللازمة لأية نهضة يراد تحقيقها لأي بلد، وكانت والحق يقال مفقودة في بلادنا تفتقدها قبل 1978م. ومع توافر هذه الرؤية الناضجة، والإرادة العازمة، والإدارة المتميزة ، لدى القيادة السياسية للبلاد ممثلة برئيس الجمهورية ، نتوقع أن يأتي «17 يوليو» القادم وقد تحقق مانسبته ٪50 على أقل تقدير من البرنامج الانتخابي للرئيس/ علي عبدالله صالح ، الذي جاء حصيلة دراية لاحتياجات البلاد وتطلعات العباد، فاستحق به ثقة غالبية اليمنيين ولأجله صوتوا له، وانتخبوه من بين مجمل البرامج الانتخابية لمن خاضوا منافسات الانتخابات الرئاسية في سبتمبر الماضي.