البيروقراطية مرض اجتماعي يترك آثاره على سير العمل الإداري وسير تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وللبيروقراطية أكثر من تعريف سياسي وشعبي بيد أن النظرة الشائعة والشمولية لدى المواطنين أن البيروقراطية تعني والبطء والتباطؤ وتعقيد الاجراءات الإدارية وترحيل قضايا الناس ومن ثم موتها . ولقد سبق لبعض الاقتصاديين الأوائل الاشارة العارضة لظاهرة البيروقراطية على المستوى العام ومن هؤلاء ماقاله «آدم سميث» في كتابه «ثروة الأمم» قال: إذا تركنا للموظف حرية الاختيار بين عدد من المشروعات والمهام اليومية فإنه بكل تأكيد سوف يختار أهمها وأكبرها ، وأضخمها أي بمعنى المشروعات والمهام التي تعطيه أهمية كبرى ومحل اعجاب المواطنين وذلك بدلاً من المشروعات والمهام الصغرى التي ليس لها مزايا أو منفعة خاصة. أما الإنجليزي باركينسون فقد ارتبط قانونه المشهور باسمه الذي يقوم على مسألتين أساسيتين هما: أن الموظف يحرص دائماً على مضاعفة أعداد مرؤوسيه وليس منافسيه فكلما كان لدى الموظف وقت لأداء عمل معين فإن هذا العمل يأخذ كل هذا الوقت تحت طائلة الروتين الإداري وانجاز العمل في هذه الحالة يبدأ بما هو أفضل من النمط التجاري والعقاري. ويخلص الاقتصاديون فيما سبق قوله إلى : إن البيروقراطية باعتبارها احتكاراً وتحكماً في مجال تقديم الخدمات العامة في ضوء مايتمتع به المسؤولون والعاملون فيها من سلطة واسعة فإنها تفتقر وتفتقد إلى المبادرة لتخفيض النفقات وتقليل الفاقد وتحسين مستوى أداء الخدمات وتطوير أساليب العمل وتطبيق التقنيات والمعارف الحديثة وتوخي الصالح العام وحده دون المصالح الشخصية ومن ثم تكتشف مظاهر عديدة ونقص الكفاءة الأمر الذي يتسبب في آثار سلبية على مختلف الأصعدة فعلى الصعيد الإداري تدفع غريزة حب البقاء للمرضى بظاهرة البيروقراطية والاحتفاظ بوسائل وجودهم وتزيد مشاعر الولع الإداري للوظيفة أو المؤسسة الإدارية من دوافع الرغبة والاستمرار والتوسع مما ينجم ذلك عن سلوك بيروقراطي داخلي يسعى إلى السيطرة على الجهاز الإداري والمرفقي والمؤسسي ويقود هذا الوضع الشاذ إلى الفساد وتزييف الحقائق وحجب المعلومات والترهل الإداري وتفشي المجاملة والمحسوبية والنفاق. وطالب فريق من الاقتصاديين بضرورة تعزيز الرقابة السياسية والشعبية على السلوك الإداري كمطلب ضروري وملح لتحسين الأداء الحكومي وتطوير أداء الجهاز الإداري بما من شأنه الحفاظ على المال العام وتجذير نمط العمل الإداري وصيانة الاقتصاد الوطني ومكافحة الفساد والرشوة ولمواجهة الآثار السلبية في تفشي ظاهرة البيروقراطية في العمل اليومي واقترح العديد من الاقتصاديين ضرورة العمل على ادخال مبدأ المنافسة في العمل الإداري وتقييم انجاز الجانب الاقتصادي وذلك بهدف زيادة وتحسين نوعية الانتاج ورفع مستوى الكفاءة الإدارية والتعامل مع مبدأ الثواب والعقاب وتكريم المبرزين. وعلى مستوى الممارسة اليومية في بلادنا الجمهورية اليمنية للتعامل مع قضايا العاملين ومن خلال تنفيذ المهمات والخطط والبرامج الفعلية والسنوية الإدارية هناك خطوات واجراءات بالغة الأهمية اتخذتها الحكومة للتصدي لمظاهر القصور وانعكاسات البيروقراطية على حياة الناس ومن خلال تقليص الاجراءات البيروقراطية لتقديم أفضل السبل وأنجعها لمحاربة الفساد الإداري وإهمال قضايا المواطنين وتحسين الأجهزة ذات الارتباط بالناس مثل القضاء والأسعار وسير تنفيذ المشاريع الاقتصادية والمحاسبة الصارمة لظاهرة التسيب الإداري والموقف من العمل والسير في الإصلاحات بهدف الارتقاء بالعمل الإداري.