الفقر ظاهرة عامة واسعة الانتشار وهو فعلاً من الظواهر الكبرى التي يعاني منها اعداد كبيرة من الناس وثمة مساع عالمية وعربية كبيرة من أجل الحد من انتشاره وأعتقد جازماً أن المدخل الرئيس لعلاج هذه الظاهرة على المستوى العام والمستوى الشخصي يكون عبر تكوين رؤية ودراسة اقتصادية لمعرفة العوامل والأسباب الحقيقية للوصول إلى السبل الكفيلة والناجعة لحل أو التخفيف على أقل تقدير من معاناة الفقر على المستوى المعيشي والاقتصادي. ومن الطبيعي أن تؤدي جملة المعالجات المدروسة إلى رؤية واضحة للأسباب لتفشي ظاهرة الفقر وبلورة خطة شاملة لمعالجة الفقر ومن مكونات وأساسيات هذه الرؤية التعريف بالفقر وتحسين وعي الناس لمترتبات وتداعيات انتشار الفقر مع القيام بحملة واسعة لمكافحة الفساد الإداري بوصفه أداة مساعدة لنشر الظلم والفقر والتردي المعيشي والتسول. ومن العوامل المهمة لإبراز ملامح رؤية معالجة ظاهرة الفقر التركيز على خطط التنمية والاستثمار والتربية الأسرية على أخلاقيات التعامل مع العمل وتحسين الأداء والقضاء على البيروقراطية المكتبية والعمل على بث روح التفاؤل والثقة في أوساط العاملين وإيجاد بيئة قانونية ونظامية تحفز وتسهم على جذب وتدفق الاستثمارات الأجنبية بوصفها أدوات جيدة لتوفير فرص العمل للمواطنين مع الضرورة الملحة لإصلاح التعليم ومساعدة الشباب على إقامة مشروعات صغيرة ذات تكلفة منخفضة وتوفير أكبر عدد ممكن من مراكز التدريب التي تمكن الفقراء من اكتساب المهارات المطلوبة للانخراط في سوق العمل وإثراء الجانب الفكري في حياة الناس. ويتعرض بحث قيم للفرق بين الفقر والتخلف الاقتصادي مشيراً إلى الفروق الجوهرية بين الفقر والتخلف بالإشارة إلى أن التخلف الاقتصادي ظاهرة مركبة متعددة الأبعاد أي بمعنى أنها ظاهرة تتفاعل في إبرازها وإفرازها وإيجادها بدرجة أو بأخرى حيث أن التخلف الاقتصادي لا يوجد في مجتمع ما بمفرده معايشاً مع تقدم سياسي واجتماعي وثقافي إضافة إلى وجود نظام سياسي واجتماعي وثقافي رشيد يمكن أن يحقق مستوى اقتصادياً متقدماً. ومن هنا يمكن القول أن الحاجة مدعوة إلى وجود نموذج بديل يتجاوز النماذج القديمة وايجاد منظومة تحقق المصلحة بين الإنسان والإنسان من جهة والإنسان والطبيعة من جهة أخرى وهذا لن يأتي إلا عبر التجسيد الفعلي للرؤى الناضجة بما يتجاوز وجود الأزمات الاقتصادية ونخلص مما سبق إلى أنه من الصعب الوصول إلى تعريف جامع وشمولي لايعتريه القصور لمقياس التخلف الاقتصادي وليس معنى ذلك اسقاط أداة هذه المعايير التي ساعدت على إبراز درجات ومستوى التخلف الموجود.