أُبدي عجبي واستغرابي من حكاية النقل الإداري للموظفين بين المديريات داخل المحافظة الواحدة، أو في الجمهورية بين المحافظات.. والنقل الإداري يعني نقل الموظف إدارياً مع بقاء مرتبه في مكان عمله السابق.. ولا أدري من الذي ابتدع هذه «الحرافة» ومن الذي فكر لها؟! لاشك أن المفكر والمبتدع من ذوي الخبرة والكفاءة والمؤهلات العالية في «الفوضى الإدارية والمالية»، ومن فلاسفة الفساد ومنظّريه ومؤدلجيه.. فمثل هذه الإجراءات الإدارية تعد من أهم الأسباب لإهدار وإضاعة القوى البشرية وتغفيرها، وبالتالي ضياع مئات المليارات من المال العام على هيئة مرتبات لأناس غير موجودين، ولا يعملون، ومفرغين لأعمالهم الخاصة، أو يعملون في قطاعات أخرى غير حكومية، أو في بلدان المهجر. تصوروا معي المئات من الموظفين والموظفات الذين يعملون حسب ما يُقال في مديريات غير المديريات التي تصرف منها حقوقهم المالية، وفي إدارات غير الإدارات التي تصرف منها رواتبهم، وفي محافظات غير المحافظات التي تصرف منها رواتبهم.. ويتم صرف الرواتب بموجب استمرارية عمل من المحافظة أو المديرية التي يعمل بها إلى المحافظة أو المديرية التي يصرف منها راتبه.. طبعاً الاستمرارية من أسهل وأبسط الوثائق استخراجاً، لأن كل مرحلة من إجراءات الاستمرارية بحسابها وثمنها.. وصاحب الشأن لا تهمه الفلوس، المهم أن يحافظ على الدرجة الوظيفية. أكثر ما تلاحظ عمليات النقل الإداري هذه في قطاع التربية والتعليم، فتجد الموظف على قوة محافظة، بينما مالياً على محافظة أخرى.. وتتم الإجراءات عبر شئون الموظفين دون الرجوع إلى القطاعات المختصة، كقطاع التعليم أو قطاع المناهج والتوجيه، وهي القطاعات التي يتبعها الموظف.. وهكذا في بقية الأجهزة الحكومية لا فرق، مع أن إجراءات النقل يجب أن تتم مالياً وإدارياً عبر القطاعات المختصة، وما على شئون الموظفين إلا إتمام الإجراءات الإدارية والمالية من خلال الخفض والإضافة بين مديريات أو محافظات المناقلة، وهي إجراءات سهلة ويسيرة لو أرادوا.. لكنهم لا يريدون ذلك حتى لا تنقطع الأرزاق، «وطلبة الله»..!