(وكان الكافر على ربه ظهيراً) «آية 55سورة الفرقان» والظهير بمعنى النصير المؤازر.. ومن التفاسير أن هذا الكافر هو أبوجهل ابن عم رسول الله وعدوّه المبين. وقد التمست بعض التفاسير، كابن كثير، والقرطي، وفتح القدير، وأخيراً «ظلال القرآن» الذي كان وحسب قد صدق حدسي في فهم الآية المباركة، فكيف يكون الكافر ينتصر على ربه، ويظهر عليه؟!. كنت قد فهمت أن هذا خاص بالكافر الملحد، الذي يسوؤه أن تسند هذه الآيات الباهرات في السماوات والأرض إلى خالق مدبر، موجد، حكيم، قادر، جحوداً وكفراناً. فالظهور أن يحاول هذا الكافر الملحد استخدام كل الوسائل، بما في ذلك الوسائل العلمية، لإلغاء القدرة الإلهية التي بموجبها خلق الله السماوات والأرض، وقدر فيها أقواتها، بل إن الآية تشير إلى هذا الكفاح المرير المضني الذي يبذله الملحد الجاحد لإعلاء راية الباطل ضد راية التوحيد. ولقد سمعنا وقرأنا فلسفات تنكر الربوبية، وتفلسف الوجود من خلال معطيات مادية خرساء لم تستنطق بما فيه الكفاية للحط من شأن الربوبية والوحدانية. ولكم ضلّ ضالون وخسر مبطلون وهم يدفعون الحق ويردونه، رافضين قبوله، فما أغنى عنهم علمهم القاصر ولا أمنياتهم المخادعة عن الحقيقة شيئاً. ولكم تلهم هذه الآية المباركة من يرد الله هدايته، لتنبثق منها أنوار وأسرار، يستطيع المرء أن يفهم بعضها، وهو أن الذي يكذّب بآيات الله ويجحد شريعته، لا يكون ذلك نصيبه من الخسائر والبوار بل نجده يمنح هذه الصفة القبيحة، وهي أنه عدو لله تعالى، يستنصهر عليه بالباطل، ويستظهر عليه بالعداوة الظاهرة. كأن هذا الجاحد الملحد لا يتحدد موقفه بأنه ينكر وجود الله ويسخر من قدرته وبطشه وجبروته وعظمته وحسب، ولكنه يستنصر عليه محاولاً قهره والانتصار عليه. والكافر كما صرّح بذلك الحق تعالى ليس بمعجز هذه القدرة الإلهية المطلقة، غاية العداوة أن يطلب الكافر أنصاراً ضد الله. إن الذين يصدّون الحق ويأكلون السحت ويسرقون الحقوق هم أعداء الله الذين يريدون الظهور على الألوهية بالضلال والكفر.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.