مبدعون يقتاتون «الوعود» ويشربون «كلاماً معسولاً».. - حدثني زميل لي أن رئيس تحرير إحدى الصحف الأهلية الوليدة اتصل به بعد أن أرسل مادة صحفية لفعالية معينة فيها من الاثارة السياسية وقال له رئيس التحرير«الفهيم» : إن المادة التي أرسلها هي مادة رأي وليست خبراً حسب رؤيته ووعده بأنه سينشرها كرأي وتفاجأ صاحبنا أن رئيس التحرير نشرها في الصفحة الأولى كخبر وليس «رأي» وفوق كل ذلك حجب اسم زميلنا الذي تكبد قيمة الفاكس وحضور الفعالية واعداد المادة وفي النهاية لم يجد اسمه مذيلاً في المادة وهو من حقوقه الأدبية. - نفس الزميل اخبرني أن سكرتير تحرير إحدى الصحف الأهلية أيضاً وليدة الظهور اتصل به وطلب منه القيام بعمل تحقيق «حنان طنان» في قضية وقعت في تعز وهي بعيدة عن مركز المدينة نوعاً ما وطلب منه القيام بالتصوير والالتقاء بفلان وعلان وزعطان وفلتان وارسال التحقيق خلال يوم أو يومين،الأمر إلى هنا «حلو» والطلب شيء سهل لكن صاحبي يخرج من بيته كل يوم وهو «يهطع» الطريق مشياً على قدمين مستورتين بصندل ربل باقي بها عرق «وتبتسق» من كثرة «السرحة والروحة» ونسي السكرتير الحريص على المادة الصحفية أن يكمل الطلب ويقول لصاحبي قد حولنا لك بمبلغ حق المواصلات وتكاليف التصوير و...الخ وبدلاً عن أن يكمل الطلب لذلك قال له: «دبر حالك» الأمر الذي جعل صاحبي ينسى أن هناك أحداً اتصل به وطلب منه شيئاً. - مراسل جديد لصحيفة أهلية تكاد تكون هي أكثر الصحف ابتزازاً لجهد مراسليها أظهر سعادته وفرحه عندما قال له رئيس التحرير :أنا أحسدك. هكذا نقلها لزملائه الذين استغربوا على ماذا يحسده رئيس التحرير؟؟ - وفي خضم فرحته الغامرة بعبارة هذا الانتهازي نسي الزميل الجديد أن تلك العبارة هي«طُعم» لكي يضاعف صاحبنا جهده ونشاطه ويتحول من «جامد» إلى «متحرك» فينشط في احضار الأخبار فيكون المستفيد الأول والأخير هو رئيس التحرير الذي يسعى إلى رفع مبيعاته بينما يظل المراسل السعيد بكلمة عابرة يقتات منهم ملاليم. - مراسلون لصحف أخرى يظلون يراسلون صحفاً معينة لأشهر تصل إلى الأربعة والخمسة والستة الأشهر وفي النهاية يتسلمون الفتات.. - كتاب مواضيع وأعمدة لهم قراؤهم ولهم تواجدهم في الوسط الثقافي يكتبون كتابات تكاد تكون مسطرة بدم قلوبهم وفي النهاية قليل منهم من يتقاضى إنتاجاً فكرياً نظير ما قدمه.. - مواقف كثيرة لو تحدثنا عنها هنا لتعرية أولئك الذين يدعون أنهم رؤساء تحرير صحف أهلية لما كفانا هذا الحيّز لسردها لأنها تكاد تكون متكررة في كل يوم وفي كل وقت. - ان أساليب الابتزاز التي يذهب ضحيتها المراسلون الغلابى لا تتوقف عند نقطة أو موقف فهي متنوعة الأشكال والألوان. - كثير من رؤساء التحرير يتسلقون رئاسة التحرير من باب مغلق فكل من لديه قليل من المال ينشئ له صحيفة ويبدأ ببحث هنا وهناك عن أناس يفرحون بنشر أسمائهم فيكونون مراسلين له دون مقابل وهي أمنية يتمناها كثير من رؤساء التحرير الأهلية والحزبية كذلك. - إلى متى سيظل المراسل المبدع والكاتب المبدع يقتات «الوعود» ويشرب «الكلام المعسول» من قبل رؤساء تحرير صحف أهلية لايفكرون إلا بأنفسهم ولايقدرون جهد الآخرين الذين على أكتافهم تنجح صحفهم وتتسع شعبيتها؟؟ - ولذلك فلا غرابة أن نجد أن قانون الصحافة حتى الآن لايزال محل نقاش وجدال بل إن كثيراً من رؤساء تحرير الصحف الأهلية والحزبية يتعمدون عرقلته ووضع العراقيل أمام إنجازه ؛ لأن فيه الحماية لحقوق الصحفيين . - الغريب في الأمر فيما يخص سلوكيات وتصرفات رؤساء تحرير تلك الصحف الأهلية أنهم يدعون أنهم ضد انتهاك حرية الصحفيين وضد سلب حقوقهم و...و...الخ لكن عندما تأتي لترى واقع حال العاملين في تلك الصحف فستجد أن فيها من الانتهاك لحريات وحقوق الصحفيين العاملين الشيء الكثير الذي يدمي القلوب كلما ذكرت تلك الصحف ومايدور فيها. ومصداقاً لما ذهبت إليه اسألوهم «أي رؤساء التحرير» للصحف الأهلية كم عدد الصحفيين الذين يعملون بعقود؟الجواب لن يكون مقنعاً سلفاً؛ لأنهم يقولون مالايفعلون ويفعلون مالايؤمنون به ويؤمنون بمبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» «ولاحول ولاقوة إلا بالله».