مع بداية العقد الأخير من القرن العشرين ودوران عجلة الوحدة اليمنية.. راجت مفاهيم كثيرة وتداولتها النخب المختلفة والصحافة وحتى المواطن العادي.. ومنها «التعددية الحزبية» و«الاستثمار» بدرجة أولى وكبيرة. ومنذ مفتتح التسعينات تطبّع السوق على عادة سيئة ظهرت مساوئها وسيئاتها لاحقاً حيث توالدت الأحزاب والتنظيمات السياسية بالعشرات، ولم يتوقف أحد أمام الظاهرة ويسأل: ألا يبدو أن ثمة خطأ في القضية برمتها؟. طبعاً.. سوق الاستثمار تحرك ببطء وتكاسل كبيرين، بعكس سوق التعددية.. وحققت الأحزاب والمسميات السياسية المشابهة الأخرى رقماً قياسياً لافتاً خلال فترة زمنية وجيزة وعلى مسافة سنوات قليلة بدأت الصورة تهتز والوضع يختلف. الذين كانوا في الأحزاب والمسميات المختلفة غيَّروا رأيهم واتجهوا إلى مشاريع استثمارية أخرى «شركات مقاولات وغيرها» وبقي عدد قليل فقط هم الذين لم يقعوا في سوء الفهم والخلط الفاحش ..كما يتضح في الأسطر المقبلة. خطأ بسيط وسوء فهم مثير، حدث وأدى إلى كثرة حزبية فيما يشبه الطفرة .. وذلك أن رواج مفاهيم «التعددية» الحزبية و«الاستثمار» باقتران ثنائي شبه دائم جعل البعض يعتقد أن الأمرين يشكلان منظومة واحدة استثمارية فاتجه مباشرة للاستثمار في «الأحزاب» باعتبارها سوقاً رائجة، ومجالاً واعداً بالكثير من الأرباح؛ يعني أن النجاح في هذا القطاع مضمون مضمون!. بعد فترة بدأت الصورة تأخذ علامات الشك واهتزت ثقة «المستثمرين» الطارئين على السوق ،ورويداً رويداً تمكن هؤلاء بذكاء نادر من اكتشاف الحقيقة ناصعة، وهي أن التعددية شيء والاستثمار شيء آخر تماماً، وأن الأحزاب لاتصلح مشاريع استثمارية من أي نوع، فغيّروا اللوحات وقلبوها تجارة من صدق. حتى الساعة هذه لايزال هناك في الأحزاب من يفكر بعقلية مشابهة، وفهم استثماري يتفيَّد السوق بطريقة أوبأخرى. هناك في الأحزاب من يوظف الكيان الذي لديه بطريقة تجارية يبيع المواقف والقضايا ويقايض أي شيء بأي شيء من الأثمان والأرصدة وسواها. هؤلاء يفهمون اللعبة، ويعرفون أن التجارة غير الحزبية؛ ولكنهم أيضاً يعرفون أن الحزبية يمكنها أن تدر منافع وأرصدة بالهبل.. وهم في ذلك دائبون. شكراً لأنكم تبتسمون