عنوان آخر يضعنا أيضاً أمام النص خارج نطاق التعريف الإجرائي الأكثر انتشاراً، حيث يقدم النص بوصفه «نصاً أدبياً مكتوباً» غير أن المقصود بالنص هنا كامل التعبيرات التي تتقمص أشكالاً فنية مختلفة، فالنص المكتوب يتضمن بعضاً من مكونات المفهوم الذي نتوخاه وليس كل المفهوم، وبالتالي فإن البحث يطال أيضاً النص البصري بأشكاله الإستاتيكية «الجامدة» كالصورة الفوتوغرافية واللوحة، وكذا الأشكال المتحركة كالصورة السينمائية والتلفزيونية والمسرحية، مع اعتبار حضور عناصر أخرى محايثة للصورة كالكلام والموسيقى، ويذهب مفهوم النص بعيداً ليطال أكثر الأعمال تجريداً وغنائية كالموسيقى. في هذه المقاربة سنعتمد على أدوات الفن باحثين عن القواسم المشتركة بين النصوص المختلفة، معتمدين على علوم جمال الشكل والمضمون، ورائين للتقاطعات بين النصوص المختلفة، فالنص البصري لا يخلو من غنائيته وتجريده الخاص، والنص المكتوب ليس بعيداً عن الصورة، والموسيقى تُماهي مع المكتوب والمسموع والمتخيل، والسينما وما يشابهها من أشكال إبداعية تُمازج بين عناصر فنية ونصية مختلفة. مما سبق يتضح أن «لعبة النص» لا تتوقف عند تخوم المعنى المباشر للنص المكتوب، ولكنها تتوازى مع أشكال التعبير اللفظي وغير اللفظي مع الإشارة والعبارة.. مع الصورة المجسدة وتلك المجردة، وبين الغنائية المموسقة لحناً، وتلك المدوزنة كلاماً. إنها عوالم من التحولات والتقمصات والتناص، والتفارقات والتآلفات اللامحدودة. [email protected]