مامن شك أن الأمية بمختلف أشكالها وألوانها «الأمية الهجائية «الأبجدية» الأمية الأيديولوجية الأمية الوظيفية الأمية الحضارية الأمية المهنية الأمية البيئية الأمية الثقافية الأمية العلمية الأمية المعلوماتية» كلها تشكّل عائقاً رئيسياً أمام التنمية وبالتالي فإن التراجع والتعثرات التي تنتج عن الأمية تكون واضحة من خلال النتائج الملموسة على الواقع، ولذلك فإن أي تقييم منطقي لنجاح أي مشروع ما يتم هنا أو هناك لابد أن يرتبط نجاحه بمدى الوعي الذي يتحلى به الجمهور المستفيد من ذلك المشروع وكأبسط مثال أذكر أنه عندما تم وضع كابينات الاتصالات الخاصة بالبطاقة المدفوعة مسبقاً رأيت بعض الناس يتعاملون مع تلك الكبائن وكأنها ألعاب وضعت لهم لكي يتسلّوا بها من خلال العبث بها وبالتالي فكثير منها أصيب بالعطل على ما أظن والسبب الأمية. مثال آخر :عندما تم وضع السلال الحديدية للقمامة في الشوارع والتي تم تعليقها على الجدران وأعمدة الكهرباء كيف كان التعامل معها ، انظروا إليها هل مازالت موجودة في مواقعها التي وضعت فيها؟ الجواب: قليل منها والسبب هو أمية الناس بأهمية مثل تلك السلال التي تعمل على نظافة الشوارع من الأكياس وأعقاب السجائر وكل ماهو ملوث للبيئة.. من كل ماذكرناه يمكننا أن نوجز تعريف الأمية بأنها «عجز الفرد عن توظيف مهارات القراءة والكتابة ، أو أنها كل سلوك يتعارض طبيعة ووجوداً مع نظام الحضارة المعاصر، ومع أسلوب إنتاجها، ومع نمط الارتقاء بها،ومع فلسفتها السياسية والاجتماعية». وأسباب انتشار الأمية في الوقت الذي نعيش فيه عصر العولمة وتقنية المعلومات يمكن أن نوجزها بالتالي:«الأسباب التاريخية، الأسباب التعليمية، الأسباب الاجتماعية والاقتصادية، الأسباب التربوية، أسباب متنوعة وتشمل موت الأبوين أو أحدهما واضطرار الولد إلى تحمل مسئولية العائلة بوقت مبكر، مرض التلميذ وبخاصة المرض المستمر أو وجود عوائق جسمية أو صعوبات عاطفية وعدم توافقه الاجتماعي أو عدم رضاه عن المدرسة، الأسباب الاستراتيجية..». ولذلك فإن آثارها تكون كبيرة في المجتمع ويمكن إجمالها في «الآثار السلبية للأمية على الفرد والمجتمع: فمن آثار الأمية على الفرد صعوبة التعامل مع الآخرين، عدم القدرة على اتباع التعليمات الخاصة باستخدام الآلات الحديثة، عدم الإدراك الواعي للعامل بأهمية الالتزام بقواعد الأمن الصناعي، زيادة مشكلات الإدارة مع العمال لفقدان وسيلة الاتصال السهلة، لهذا كان العمّال الأميون أكثر العناصر في الخروج على نظام المؤسسات وعدم احترام مواعيد العمل والتمارض، افتقار العامل إلى عنصر الاختيار في تحصيل ثقافته». ومن آثار الأمية على المجتمع أنها تؤدي إلى نشر البطالة والفقر، تعوق نمو الأفراد اجتماعياً ،صعوبة استغلال موارد الثروة المتاحة في البلاد، علاقتها الكبيرة بالمشكلة السكانية، تؤثر أمية الآباء والأمهات خاصة الأمهات على مستوى تعليم الأبناء..». ولذلك فإننا إذا أردنا تنمية ناجحة فلابد أن تعمل كل أطر المجتمع على محو الأمية بمختلف أشكالها المذكورة والتي تزداد يوماً بعد آخر بسبب تقاعس الطبقات المثقفة عن القيام بدورها الريادي نحو القضاء على الأمية وكذا الدور السلبي الذي تبديه منظمات المجتمع المدني في محو الأمية حيث يفترض أن يكون لهذه المنظمات دور ملموس في مكافحة الأمية التي تعيق كثيراً من البرامج التنموية على مستوى البلد وعلى مستوى المنظمات نفسها، وكم نتمنى أن تقوم تلك المنظمات وأيضاً الأحزاب السياسية على فتح مقراتها لكي تعمل على نشر الوعي والتعليم وسط الناس وليس شرطاً أن يكونوا من أعضائها فلو قام كل واحد في المجتمع بدور رائد في مكافحة الأمية لكان حالنا غير الذي نحن عليه اليوم من استغلال لظروف الناس البسطاء الذين لايدركون ابعاد كل المحاولات التي تتم من أجل كسبهم واستقطابهم كأصوات لها تأثيرها في إنجاح الانتخابات عند الضرورة فقط و«بعدين» «طز» ليذهب الجميع إلى الجحيم وكل واحد حرّ بنفسه يتعلم وإلا يبقى على جهله أحسن..