اليعسوب المائي نوع من أنواع الجراد الطائر غير النطّاط ويتكاثر في فصول الأمطار وينتشر عند البرك المائية، وهو النموذج الذي ألهم العلماء صناعة طائرة الهيلوكوبتر، حيث إن له رأساً كبيراً وذيلاً طويلاً ، ويتصف اليعسوب بخصال فريدة أبرزها: أنه كثير الحركة والتنقّل أثناء طيرانه وبطريقة مفاجئة، فتراه يطير واقفاً وفجأة ينحرف إلى زاوية أخرى مستعيناً بعدسات عيونه الكثيرة التي يرى بواسطتها أبعاداً بانورامية واسعة، فهو بتلك العيون الكثيرة الشبيهة بعيون الذبابة يمكنه أن يشاهد دائرة كاملة من الصور، ويتصرف وفق تلك المشاهدة، وهو إلى ذلك كائن «مائي هوائي» بامتياز، فالماء مصدر حياته الأساسي، والطيران ديدنه، فقد قال علماء البيولوجي: إن اليعسوب ينام طائراً !! وبالتالي فإن دورة حياته تنقضي في الطيران فحسب، وإذا انتهت تلك الدورة سقط على الأرض ميتاً . حركة اليعسوب تتّسم بالقلق والتوتر والانتقالات السريعة، كأنه يحيط بالأمكنة، وينساب مع الزمان والإنسان اليعسوبي يشبه اليعسوب لأنه لا يستقر على حال، ولا يميل للصمت والتأمل، فجل ساعات تفكيره هي لحظات المنام الأقرب إلى الصحو، فهو عند نومه يرى ويفكر ويحاور ذاته. كما أنه يعيش حيرة مزمنة، ويتصرف مع تداعيات الأحوال بطريقة مزعجة، فهو إنسان يبارز من يراه ومن لا يراه ، مقاتل ضد طواحين الهواء كبطل سرفانتس “ دونكيشوت “، لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب، ناتئ وميّال للخصومات المجانية، غير أنه وبالرغم من ذلك يحمل صفتي الماء والهواء من حيث الطيبة ونقاء السريرة، ومن حيث الخصوبة والعطاء أيضاً، كما يحمل صفات الهواء في تقلباته الكثيرة وحيرته المزمنة، وعدم قبوله بالمنطق الشكلي والعقلي . هذا الإنسان اليعسوبي لا يخلو من موهبة استثنائية، وقدرات خارقة، غير أنه لا يجيد تنظيم قلقه ، فهو كاليعسوب تماماً يستهلك نفسه في زمن قصير، ولا يتخلّى عن طبيعته المركوزة فيه إلا بسقوطه في وهدة الموت المؤكد، تماماً كاليعسوب يطير منذ أن تنمو أجنحته ويقوى عوده، ويظل طائراً حتى موته المؤكد .