الخضرة والاخضرار والظلال والأشجار.. كلمات لمعانٍ تصب في بوتقة واحدة هي البيئة الصحيحة والمطلوبة أيضاً.. ولما كانت الأشجار هي مصدر هذه الخضرة والاخضرار والظلال كان لا بد من الحفاظ عليها والإكثار منها في المدن و بالذات مدن المحافظات الساحلية الحارة، والحث على زراعتها ونشرها في شوارعها وتوعية المواطنين بأهميتها وأهمية الإكثار منها للتخفيف من وطأة الحرارة وزمهرير الرياح ولسعة الشمس الحارة وتخفيف نسبة الرطوبة وامتصاص قدر كبير منها، ولكن ما يجري في محافظة عدن هذه المدينة الجميلة التي تتميز بارتفاع درجة الحرارة فيها صيفاً هو العكس.. فقد دأبت الجهة المسؤولة عن الحدائق والتشجير في المحافظة على انتزاع عدد كبير من الأشجار من عدد من الحدائق والمتنزهات بحجة إعادة تأهيلها، رغم أن هذه الأشجار معمرة وتتميز بطولها السامق، وكانت تزرع الظلال لمساحات واسعة من الطريق، ويلجأ إلى ظلالها المشاة المارون بالقرب منها للاحتماء من لهيب الشمس اللافح واكفهرار الجو غير المحتمل. اليوم المواطنون الساكنون في بعض مديريات محافظة عدن فوجئوا باختفاء هذه الأشجار الجميلة من أماكنها، وأصبح المكان عارياً، والشمس تصب لهيبها على الطرقات ولا ملجأ ولا ظلال يحتمون به من زمهريرها وحرارتها اللاسعة. لماذا نزعت هذه الأشجار من جذورها؟! وما الداعي لتجريد المدينة من روائها الأخضر وتركها عارية من الاخضرار؟! أليس هذا يدعى محاربة للبيئة التي يفترض بالجهات المسؤولة في المحافظة، الاهتمام بها والعمل على الحفاظ عليها وتوعية المواطنين بأهميتها والعمل على نشرها. إن ما حدث من استئصال لهذه الأشجار لهو خطأ ينبغي عدم تكراره في الأحياء والمديريات الأخرى التي مازالت فيها بعض الأشجار تنتشر وترمي بظلالها هنا وهناك ملطفة للأجواء وباعثة النسيم العليل لمن يجاورها أو من يمر بجانبها.. خاصة وأن هذه الأشجار لم تعتد على أحد ولم تصب أحداً بسوء ولم يشك أحد في دورها وأدائها النبيل. إذاً.. لماذا الانزعاج من وجودها طالما أنها لا تمثل عائقاً ولا تسد طريقاً ولا تسمم الأجواء. إننا ندعو إلى زرع المزيد من الأشجار في شوارعنا وأحيائنا السكنية وحدائقنا ومتنزهاتنا بما يجعل بلادنا ومدننا جنة خضراء نتذوق جمالها ونستمتع باخضرارها.. في مواجهة الغابات الإسمنتية المزروعة والمنتشرة في كل مكان.