كل بلاد الله تهتم بالخضرة والاخضرار، وتقيم لذلك الأحزمة الخضراء في المدن الساحلية لتكون عاملاً بيئياً مهماً، أولاً لصد واصطياد ما تجلبه الرياح من أتربة ورمال، وثانياً لإنتاج الأُكسجين عبر عملية علمية يعرفها الناس هي «عملية النتح» التي درسناها في الاعدادية أيام زمان.ولذا تقام البسط الخضراء وتخصص لها المساحات والموازنات المالية ويتفنن المختصون «الجنائنيون» بتشكيل الورود والزهور عبر مساحات محددة تعكس الحس والذوق الرفيع للبلد وللناس!وفي بلادنا نجد الخضرة من نعم الله سبحانه وتعالى، فجبالنا وسهولنا كلها بسط خضراء وآيات في الروعة والجمال، ولا يشبع المرء من النظر إليها إما على الواقع أو من على شاشات «التلفزيون» ويندر وجود ذلك في المحافظات الساحلية الحارة التي لانجد فيها إلا بعض الشجيرات الصحراوية والطحالب، أو الأشجار المعمرة التي زرعت منذ سنين في عهود سابقة،وعمرت وتعمرّت مئات السنين، وهكذا تبذل الجهود في المناطق الساحلية لزرع الأشجار ورعايتها ومن ثم استغلال المساحات بجانبي الشوارع وجعلها متنفسات ..ولكن ذلك لا يعمر كثيراً ، فكثيراً ما تذهب مساحة خضراء جراء كسر لأنبوب مياه أو خط مجاري، وتحفر الأرض وتدمر تماماً، وتفقد تلك المساحة رونقها وأهميتها، ويفقد معها الناس منظراً جميلاً وتفقد العين ثقافة بصرية كانت تتملى بها ليل نهار..وهكذا يفتك الإنسان ببيئته تماماً وكأننا نعيش في الأدغال...وحتى سكان الأدغال الذين يعيشون في غابات خضراء لا يفعلون ما نفعل نحن أبداً. إذاً الخضرة والاخضرار من الأمور المهمة لنا ولحياتنا،ومن الظلم أن نقوم بقطع شجرة أو تصحير مساحة خضراء أو تحويل حديقة معينة إلى مبان للفائدة العامة، بل وكان الأجدر بنا أن نخطط لذلك مسبقاً..فالحديقة تظل حديقة، والمنشأة منشأة وهكذا دواليك..وقد رأينا بعض الحدائق تتهاوى أمام البناء في أماكن مختلفة من عدن، وهي أماكن بحاجة ماسة إلى الخضرة والاخضرار...وقد استعاضت ببناء حديقة كبرى في خور مكسر إلى جانب حديقة «ريجل» حديقة النصر التي جرى عليها التعديل أكثر من مرة ،. ما يعني التخبط والعشوائية..إلى جانب اقتلاع الأشجار في مدينة الشعب و في مدينة البريقة، وهي أشجار معمرة كانت تتبع مساحات كبيرة من مباني جامعة عدن القديمة، وصحّرت المساحة وصارت عارية بعد أن كانت كاسية بالروعة والجمال...ثم في المعلا تم اجتثاث الأشجار سواء في الحدائق المعمرة أو من أمام البيوت وكله مزاج لا مبرر له، وكان يفترض بالهيئة العامة للبيئة أن تحول دون ذلك،أو أن توعز إلى المجالس المحلية أن تمنع ذلك مهما كان الثمن، لأن الخضرة جمال وإحساس وثقافة وحياة. الفرق بيننا نحن العرب وبين الغرب «نقطة» لكن في هذه المسألة هم كانوا يأخذون من أجدادنا في الأندلس الخضرة والروعة والجمال،وصار الغرب اليوم أفضل من «العرب» في الحفاظ على الاشجار والخضرة..أما نحن فليس لنا إلا الفعل المشين.. اللهم لا شماتة. إذن..متى نرى حزباً حقيقياً للخضرة والاخضرار والبيئة النقية؟! نعتقد أن ذلك سيكون صمام أمان لهذه الأمور إن شاء الله تعالى.