للكلاب البرية طبع في الافتراس، فهي تغدر عن تخطيط مسبق لشل حركة الفريسة والإجهاز عليها. فالفرد منها «الكلب» لا يستطيع وحده الهجوم؛ وإنما تتوزع الكلاب توزيعاً ماهراً، سابق التخطيط بالبداهة والخلقة، بكل الاتجاهات ليتقدم بعض أفرادها لعضّ الفريسة فالهرب، فتكمل بعض الكلاب من جهة أخرى هذه المهمة. فلما يكثر العض بشكل وحشي وتجد الفريسة أن لا ملجأ ولا ملاذ تنهار، فتسقط وقد أجهدها الإعياء والتعب والألم، تنزف منها الدماء، فتحلّق حولها الكلاب لتجهز عليها فتأكلها بسهولة. مع ملاحظة أن هذه الفريسة لم تستسلم بسهولة، ولكنها تدفع عن نفسها قدر الإمكان.. والله غالب كما يقول اخواننا في المغرب. جاء خاطر الكلاب البرية وأنا أرى أمثلة كثيرة في وطننا العربي من الكلاب البرية والفرائس الوديعة التي هي الأوطان التي تشعر بالأمان، فهي لا تأخذ شمس ولا قمر ولا نهر ولا بحر ولا هواء وطن آخر ورغم ذلك يكفر بعض أبنائها بنعمتها، تنفيذاً لمخططات العدو الشقيق والصديق. والأخوة إذا لم يكن بناؤها على أساس من المحبة في الله والانتماء الأسري الجميل قد تصبح عداوة قاتلة. وكم نرى من أخٍ يقتل أخاه، أو أخ يسرق حق أخيه بل يصادره. وكم أرى في الحيوان من يأكل أبناءه كالقطط والكلاب وبعض الطير.. ولربما كان مثلاً ناجزاً للدناءة في الظلم والإمعان في الجور هو الكلب البري الذي يعتمد المخاتلة والغدر وليس المواجهة والوضوح. رأيت ويرى معي الناس الوطن العراقي والكلاب البرية تنهشه من كل جانب. ورأيت لبنان الآن - سلّمه الله - وهذه الكلاب تطمع أن تفترسه من كل صوب. وأين السودان الآن وهو لم يستطع أن - يفلت - رغم تنازلات كثيرة - من هذه الوحوش الضارية؟!. الكلاب البرية لا تواجه الفريسة، تتآمر عليها أولاً، وتوزع الأدوار بينها للافتراس.