يرتبط التحرير الفني للمطبوعة بالمعالجات البصرية المرتبطة بروحية العصر ومتغيراته، وللوصول إلى نتيجة مرضية لا مفر من الاشتغال الهادئ بحثاً عن تعبيرية بصرية جديدة، وإخراج يتناسب مع إيقاع الزمن ومتغيراته، غير أن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن العملية ستتوقف بمجرد صدور العدد النموذج للمطبوعة، بل لابد من تواصل واستمرارية، فالرؤية الإخراجية الجديدة تضع بعين الاعتبار الثابت والمتغير في آنٍ واحد، فيما تعتبر المتغير اللوني البصري طريقة مُثلى لإيصال الرسالة الفكرية الثقافية للمطبوعة، وذلك استناداً إلى تكاملية التحرير والإخراج، وأخذاً بفكرة التحرير الفني الذي يجد تعبيريته في تواشج المستويين، الأمر الذي يتطلّب رؤية تحريرية موازية للرؤية الإخراجية، ويعتمد تقنية الاختصار المدروس، والمعالجات التحريرية التي تُحافظ على جوهر النص المكتوب، وتخدم التصميم الفني في آنٍ واحد، وإلى ذلك لابد من البحث عن المعالجة الإخراجية البصرية الجديدة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الانسياب الناعم للصفحات بحيث تتموسق تلك الصفحات بصرياً، وتشعر القارئ بالراحة، وتساعد على استيعاب رسالة المطبوعة، كما لابد من توظيف الفراغات ضمن موازين تخدم الرسالة الثقافية الفنية للمطبوعة، بحيث تختفي الفوارق الشاسعة بين التحرير الفني والتحرير البصري. والمطبوعة الوفية لرسالتها لا تفرط في ثنائية التحرير والإخراج بوصفهما كلاً واحداً يؤكد الهوية الراكزة في أساس المرجعية الثقافية ومقتضياتها العملية. هل تتطور المطبوعة العربية تباعاً؟ وهل يمكننا الاستفادة من النماذج والموديلات العالمية ضمن رؤية تسمح بالفرادة والخصوصية؟ وهل يشتغل المحررون والمخرجون ضمن متوالية لا تضع حواجز خرسانية بين المستويين؟ أسئلة كثيرة لا يمكن الإجابة عنها خارج المُعطى العام للثقافة السائدة، تلك التي تعيش زمن البيان الشفاهي والكتابي بقدر أكبر من الزمن الإبداعي البصري مما لا يخفى على أي لبيب.