القوانين الموضوعية هي المعين الذي لا ينضب، لكن من أراد أن يتعلم فن توحيد المتغايرات، وقراءة الجمع في عين الفرق، فالاختلافات المرئية تتّحد في نواميسها وجوهرية وجودها، والأشكال الاعتباطية الصدفية ليست كذلك إذا مانظرنا إليها بعين حاذقة. الطبيعة تقدم الجواب الناجز على مثل هذه المقاربات، فحركية الرياح، وتناوب دورة الماء عبر الأمطار والسيول والأنهار، والسحب التي تبدو في حركة حد المدى المفتوح. كل هذه الظواهر ليست كما تبدو للنظر، وقد أدرك علماء الطبيعة أن هذه المنظومة الواسعة من التشكلات اللامتناهية والمدى المفتوح في الحراك محكومة بنواميس وقوانين صارمة، بل إن تصويراً بالكومبيوترات العملاقة كشف درجة الانتظام في الأشجار والسحب وحركة المياه، وحركة الرياح، مما لا نراه بعدسات أبصارنا المحدودة. هذه المقاربة تكمن أهميتها في الحقيقة الموضوعية الماثلة أمامنا كمنظومة محكومة بنواميس الكون والوجود، وهي ذات القوانين التي تحكمنا في النظر للأداء الفني الإبداعي، وفي هذا الأُفق يُمكننا القول، وعلى سبيل المثال لا الحصر، إن ضبط الميزان الإخراجي للصفحات في المطبوعة تقتضي ملاحظة الانسياب في الصفحات، بحيث يكون الربط بينهما قائماً حتى وإن بدت متفاصلة ومتنوعة، فالأصل أن يكون التواصل قيمة عليا تُمسك بالانسياب العام لتلك الصفحات حتى تكتسب المطبوعة هوية تحريرية وإخراجية واضحة المعالم ومتوازنة . هذا الأمر لايتعارض مع المتغيرات، والتدرجات، بل يخدمها، ويمكننا أن نلاحظ هذا الوضع في الصحافة بأنواعها المكتوبة والمرئية، ففي عديد الفضائيات الراكزة لازمة لونية أشبه ماتكون بمفتاح «صول الموسيقي» لأنها لازمة تضبط الانسياب والإيقاع العام. وسنجد ذات الأمر في اللوزام الموسيقية المنتشرة في الإذاعات .