القراءة كممارسة إنسانية بحتة يجب أن تستمر.. ويجب بالمقابل أن نكون أكثر شراهة لكي نقرأ باستمرار!!. ثمة أشياء حين نكتشفها نظل مشدوهين لساعات، وأحياناً لأيام نعيش خلالها حالة من الاندهاش.. والقلق.. واللاشعور!!. أن تكتشف بأن سائق أجرة لا يقرأ!!.. أمر لا يستدعي الوقوف أمامه.. كون السائق ليس معنياً بالقراءة..لأنه سيكون في الأغلب الأعم «أمي».. مع أنني وجدت كثيرين من سائقي سيارات أجرة مطلعين أكثر من طالب جامعي!!. الطالب الجامعي يكتفي بقراءة صحيفة.. إن لم يكتف بقراءة عناوين الصفحات الأولى من الصحف الصادرة هذا الصباح!! ويمر مرور الكرام على الصحف الأسبوعية.. كأمر لا يعنيه بالضرورة.. ويصح أن نعمم هذه الحالات على المجلات الشهرية سواء المحلية أم العربية. وبالمناسبة ليس لدينا مجلات محلية حقيقية شاملة حتى الآن، فقط لكي لا يفهم كلامي خطأ!!.. قد يمثل ذلك سبباً مقنعاً في تجنب القراءة أو عدم ممارستها من قبل كثير من شرائح المجتمع!!.. ولكن لا يعني ذلك أن نترك قراءة كتاب صدر هذا الشهر.. أو مجلة تأتي من خارج الحدود.. أو حتى«كتاب في جريدة» الصادر عن منظمة اليونسكو!!. .فقط يجب أن نقرأ.. ونقرأ.. ونقرأ!!. يبدو أنني أنجر لا شعورياً للوعظ والتوعية بأهمية شيء ندرك جميعاً أهميته.. وذلك لا يعني أن لا نتحدث عنه باستمرار.. كونفوشيوس فيلسوف الصين العظيم يقول: «على الإنسان ان يفعل ما يعظ الناس به، كما عليه أيضاً أن يعظ الناس بما يفعله».. وأزيد «على الإنسان أن يعظ الناس بأهمية الأشياء وإن لم يفعلها!!. ليس لأنه الأدرى.. ولكن لأنه يتذكر ذلك.. والآخرون قد نسوا فقط!!». طلاب بعض الجامعات اليمنية يبدون متأثرين جداً برؤسا جامعاتهم.. حداً يكون لزاماً علينا أن نتذكر عنده المثل الشعبي «من شابه أباه فما ظلم» على اعتبار أنه «من شابه رئيس جامعته ما ظلم أيضاً»!!. رئيس جامعة لا يقرأ؟!... هنا تكون الصدمة مدوية.. وهنا يبلغ الأثر منا مبلغه!!. تصوروا أن رئيس جامعةٍ لا يقرأ.. ولكنه بالمقابل يكتب!!.. أعني أنه ليس بأمي.. كما حدث مع إحدى مديرات مدرسة في أمانة العاصمة حين وجدوها تبصم وترفض التوقيع!!.. ليتضح بعد ذلك أنها لا تجيد الإمساك بالقلم!! ببساطة كانت لا تقرأ ولا تكتب!!. بالنسبة لرئيس الجامعة يبدو أمره أهون.. على الأقل هو لا يقرأ فقط!.. ويجيد الإمساك بالقلم.. ويوقع أيضاً على كثير من الأوراق الرسمية.. وأخرى شخصية!!. ولكن كان عليه ألا يفشي سره.. كان عليه ألا يتحدث عن عقدته من القراءة «قراءة الصحف بالذات كما قال».. كان عليه أن يصمت حتى لا يوقع طلاب جامعته في حبه.. كون ما ينقصهم فقط شخص يحثهم على عدم القراءة.. عدم الاطلاع.. فوجدوا رئيسهم يقدم موعظته على طبق من ذهب!!.. موعظته التي لم يكن قد فكر فيها مسبقاً، مسكين هو ما في قلبه على لسانه!!.. لا يستطيع الإبقاء على شيء في جعبته.. يحمل الكثير من الميزات.. نسفها جميعاً حين كشف سراً كان مدفوناً!!.. ثمة أشياء لا يجب بالمطلق التحدث عنها.. أو كشفها على الملأ!!.. وبالذات من أناس يمثلون قدوات للآخرين.. إذاً كان على رئيس الجامعة الذي يعرف نفسه وهذا يكفي!!..أن يحتفظ بسره لنفسه.. أو يخبر به أبناءه فقط!!.. تغدو القراءة متعة زائدة حين لا نعي تماماً ما نكتسبه من تلك المتعة التي نشعر بلذتها الطاغية حين نبحر في قراءة أنفسنا والآخر.. فنكتشف أماكن مجهولة فينا والآخر!!.. ونجد بقعاً فائضة بالنور.. كنا نظنها إلى ما قبل القراءة مظلمة!!. القراءة فعل يجب أن تستمر.. يجب أن نمضي في القراءة حتى آخر شهقة!!.. وإذا كان رئيس الجامعة لا يؤمن بأهمية قراءة الصحف.. أو القراءة ككل وهذا رأيه الذي ليس بالضرورة أن يعلن عنه أمام أبناء جامعته كان عليه أن يتمعن في الوجوه المشدوهة إليه.. قبل أن يقول: «بالنسبة لي أنا لا أقرأ الصحف»!!. كان الأولى أن يقول: «اقرأوا يا أبنائي.. فأنا لست بقارئ»!!. عندها يكون قد فشى سره.. بقالب مأساوي حزين.. سيكون له أثره البالغ لا شك!!.