في الكلمة التاريخية والقيّمة التي ألقاها فخامة الأخ الرئيس أثناء لقائه بالمؤتمر الخامس للشباب في مدينة عدن يوم السبت الماضي 10 نوفمبر 2007م، وجّه فخامته دعوة قوية للأكاديميين اليمنيين ليتحملوا مسئوليتهم تجاه المجتمع والأجيال اليمنية.. وهي دعوة مملوءة بالعتاب والتساؤل والمكاشفة، وما يجب عليهم القيام به تجاه وعي وضمير وهوية وثقافة وتفكير وسلوك المجتمع اليمني برمّته. وفي ضوء ذلك الاستنهاج المطلوب للمشاريع الوطنية المتوزعة بين التربوي، الثقافي، المعرفي والعلمي، الإبداعي والفني، وتخليق العقل اليمني ليمارس حقه المشروع في المسيرة البشرية. فليسمح لي فخامته بمكاشفته فيما يخص الأكاديمي اليمني باعتباره مشروعاً وطنياً لم يكتمل بعد، بسبب أو بآخر، مما جعله يظل بعيداً عن الحسابات المستقبلية والمراهنات الوطنية الصعبة التي كانت ومازالت ضرورة وحاجة يمنية ملحة، إذا كنا جادين في اللحاق بمن سبقنا من المجتمعات. وحتى يقوم الأكاديمي اليمني بدوره على أكمل وجه ويتفرغ للمشاريع الوطنية ويقود حركة التغيير الفعلي اجتماعياً، ثقافياً، علمياً، فكرياً، سياسياً، صناعياً، ويصنع التحولات الكبرى التي ننتظرها حتى يومنا هذا، فليس أمامنا إلاَّ أن نعمل على اعتماد الأكاديمي اليمني كمشروع يتربع على رأس سلم الاهتمامات والأكثر خصوصية وأهمية، لما يمثله كأهم عناصر وبوابات التنمية البشرية والمعطى الحيوي الأول في جدول التطور والنهوض والإصلاحات الوطنية المستمرة. الأكاديمي اليمني هو المعمل والمصنع الأول لكل مفردات الواقع وحاجة المجتمع ومؤسسات الدولة وسوق العمل والاستثمار. بمعنى أقرب؛ اهتمامنا به مؤشر إيجابي على اهتمامنا بإصلاح وتحسين جودة الحاضر والعمل والإنتاج وكتابة شكل ومضمون وعنوان المستقبل المنشود. إذا لم نُعر الأكاديمي اليمني الأهمية والأولوية في الرعاية الإنسانية والاجتماعية، وتعزيز شعوره بالمواطنة الكاملة كامتلاكه للسكن اللائق المريح على أقل تقدير، وتزويده بما يساعده للحصول على المعلومات والوصول إليها بسهولة، فإنه لا محالة سيصاب بعاهة الدوران مع الحاجة اليومية الملحة وإيجار السكن، وطلعة المؤجر نهاية كل شهر، وفقدان روح المواطنة المستقرة والآمنة، والتشبع بثقافة الرفض الدائم لكل ما يطرح وطنياً، واعتقاده بأنه مازال المشروع الأكثر هامشية في قائمتنا اليمنية والزحمة السياسية الخانقة. أراهن على أن الاستقرار النفسي والأسري والمعيشي للأكاديمي اليمني سيحقق الاستقرار الحضاري، والحراك التنموي، والتميز النوعي للإبداعات والمشاريع الوطنية المختلفة خلال سنوات معدودة. وسيتحول الأكاديمي حيثما كان إلى طاقة متجددة وخلق وإبداع لا حدود له وحراك اجتماعي، ثقافي، علمي، معرفي لا حدود له، وتغدو الجامعات اليمنية معامل لا ينطفئ ضوؤها، وورش تطبيقية وليس نظرية فقط كما نراها ونلامسها الآن. الأخ الرئيس.. إن الأكاديمي اليمني ، أثقلته الهموم والمعاناة والإكراهات اليومية للفساد الإداري، واستبداد إدارات ورئاسات الجامعات، وانشغالها بمدارات وأمور شكلية، واعتقادهم الدائم بأن الأكاديمي اليمني مُسيَّر لا مُخيَّر، يُؤمر ولا يشاور، إنه طاقة معطلة بكل ما لهذه الكلمة من معنى. ليكن الأمر بين يدي فخامتكم من أجل الحاضر والمستقبل، وليكن استكمال مشروع الأكاديمي اليمني هديتك الأغلى لليمن الموحد الديمقراطي الجديد. والله من وراء القصد.