في عقد الستينيات من القرن الماضي تسكعت الامبراطورية التي لاتقهر في شوارع عدن إلى حد الانهيار بكل عتادها وأساطيلها البحرية وقوتها العسكرية التي لاتهزم أمام الأعمال الفدائية التي لايساوي تكتيكها العسكري دبابة أو عربة حربية بريطانية ورغم ذلك كانت في عزيمتها وصلابة نضالها المرير والطويل تدك معاقل الجنود الانجليز بالقنابل المحلية إلى حد الفزع والخسائر الفادحة ، مما جعل المستعمر يفقد السكينة بين الحين والآخر رغم كل دفاعاته الحديثة وامكانيات جهاز استخباراته وتقنية معلوماته بذلك الحين الذي تزيد فيه الأمية بين اليمنيين إلى نسبة عالية قد تصل إلى %99 ومع ذلك استند اليمني في تحرره من الاستعمار من هذه الأمية لتكون هي بصيرته لكسر عنفوان المستعمر البريطاني في عدن عندما تقلد المقاومة والعمل الفدائي لقهر الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس بأعمال بطولية تارة كان يستخدم فيها الفدائي اليمني أوتار وأدوات الصيادين لتكون سلاحه في تنفيذ عملياته العسكرية وتارة يستخدم الكروسين وادوات البناء ليصنع منها مفجراً يفكك ويصعق به مجنزرات الآليات العسكرية ليعيق بها دورية بريطانية. وبهذه العمليات والمقاومة التي لايصل مقاوموها إلى الثلاثة أو الأربعة الفدائيين كانت تدار العمليات الفدائية بنجاح %100 وكانت تهزم فيها جيوش بريطانيا العظمى في عدن وفي كل بقاع أرض الوطن المحتل %100 وكان جراء هذا العمل البطولي أن انهارت الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس بهزائم متتالية كان يسمع صراخها من مذياع لندن حتى سلمت بأخذ عصاها وترحل من جنوب الوطن يوم ال30 من نوفمبر 1967م وهو اليوم الذي جعل اكبر الامبراطوريات الاستعمارية تهزم و ترحل من جميع مستعمراتها بعد أن صدر اليمنيون انموذجاً للشعوب التائقة للتحرر من الاستعمار وانموذجاً لنضالهم وكفاحهم الذي كان مسك ختام في رحيل آخر الامبراطوريات الاستعمارية من الشرق الأوسط. بريطانيا العظمى وجيوش الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس غابت عنها صباح ال30 من نوفمبر عام 1967م في كريتر والتواهي والبريقة والشيخ عثمان ، وتاهت في كل الأزقة حتى الأشعة الحمراء كانت عاجزة عن الرؤية والتي كان يستخدمها الجنود البريطانيون وهم محشورون في المصفحات المدرعة ومع تلك الاحوال لم يكن اليمنيون أكثر قساوة بل كانوا أكثر إنسانية حين جندوا أنفسهم في تلك اللحظات في خدمة الجيش البريطاني للرحيل فقط دون أي مسلك حربي آخر بل أيضاً كانوا أكثر شجاعة منهم حين تركوهم يرحلون أيضاً بعتادهم ومجنزراتهم ليشهد العالم كم كان اليمنيون لطفاء في تحرير أرضهم من الاستعمار عام 1967م. حتى في العقود التي سبقت الستينيات حين كان النضال والكفاح غير منظم عند اليمنيين ، ولم يعرف الإطار التنظيمي والإطار المسلح ، استطاع اليمنيون ردع وتمزيق المشروعات الاستعمارية بكل قوانينها التي شرعتها تحت قاعدة «فرق تسد» كان اليمنيون أكثر عزماً للم الشتات والفرقة ويجمعون بواحدية النضال الوطني للتحرر من الإمامة والاستبداد السلاطيني والاستعمار براية الوحدة ، وهي القضية الأولى التي نصبت في أعين حركة النضال الوطني منذ أن عرفت في العشرينيات ، وبهذا العرف الابدي تنامت قضية التحرر من الاستبداد والاستعمار مع بداية الستينيات بواحدية الثورة حتى كان يوم ال26 من سبتمبر عام 1962م هو الانفجار الكبير الذي شهدته اليمن والذي من دويه تنفس به الكفاح المسلح والنضال الوطني ليتصاعد لهيب الثورة في جبال ردفان بإطار منظم. وفي الأخير لابد من التذكير أيضاً بأهمية إصرار فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في 30 نوفمبر عام 1989م أن يعود من عدن وقد تم التوقيع مع شركاء الوحدة على دستور دولة اليمن الواحد بعد مئات السنين من التشطير.