ي تعاطى السرد مع المكان والزمان ، فيستطيع الإفلات من قبضة الحقيقة المادية المجردة، لكنه فيما يتعامل مع “ الزمكانية “ ينزاح إلى آفاق للتعبير الإبداعي وزمن آخر يوازي الزمن الواقعي، ومكان افتراضي يغترف من المكان المرئي قيماً وأبعاداً غير مرئية، وهنا نلحظ التجويز الفني والزمن الإبداعي الخاص بالسرد الفني، ونزعة الانتقاء الموصولة بهاجس الكاتب ورؤيته، والفنيات المتضافرة مع الحقائق، المُخاتلة لها في آن واحد، والماورائيات الحاضرة في أساس وتضاعيف المرئي الملموس، والمفاهيم المُتناسخة في سياق الكتابة كما لو أنها قوة جوهرية تحرك السرد والسارد معاً . ليس الزمان والمكان في الكتابة السردية قيمة ميكانيكية جامدة، بل إنهما قيمة متحولة ومُلتبسة بعوالم الغيب والرؤية والإبداع، ولهذا السبب ينزاح المكان السردي إلى اللامكان، والزمان إلى زمن للرؤية والخيال، فيحق بذل قول الشاعر الذي وصف المكان السردي الإبداعي بقوله : لا الزمان الزمان فيما عهدناه قديماً ولا الديار الديارا والشاهد أن الزمان يتحوّل، ليس بفعل عوامل التحول المرصودة في الساعة الفيزيائية، بل بفعل اختلاط الحقيقة الزمانية المكانية بخيال الرائي ومذهبه في الكتابة، وهنا نصل إلى مربط الفرس لنقف على إشكالية كتابة التاريخ سرداً، أو إشكالية الكتابة السردية المُحايثة للتاريخ، ومن الأفضل أن نقف على أمثلة محددة لنرى وجه التفارق والتنوع في تلك الكتابات السردية والروائية منها على وجه الخصوص. وإذا ماعرفنا أن مثل هذه الكتابة لصيقة كل كتابة تتعامل مع المكان والزمان، وأنها تمثل جوهر الكتابات السردية وأغلبها .. إذا ماعرفنا ذلك فإننا سنكون أمام بحر متلاطم الأمواج من الأمثلة والتفارقات أيضاً .