- د. عمر عبد العزيز السرد شكل من أشكال التعبير الأدبي يحتمل درجة أكبر من الممازجات الممعنة بين الفنون المختلفة، فالسارد المبدع يحق فيه قول "البردوني" بأنه ذلك الذي "نثر الشعر وأشعر النثر " كحال جبران خليل جبران الذي يقدم الصورة خارج اللوح المرسوم، يتموسق بين بدايات ونهايات البيان المنثور بانسياب جميل، يقول الحكاية فيما يضمّن المعاني والدلالات، يستعير أدوات الفنون ضمن أنساق ترتهن إلى خاصية السرد فحسب!، يتعاطى مع الزمان ضمن توليفات مونتاجية تعيد تشكيل الزمان تقديماً وتأخيراً، تتابعاً وتقطّعاً، ترميزاً وتكثيفاً، نشراً وابتساراً. يقوم السرد أيضاً بمحاكاة المكان خارج نطاق النمطية الوصفية وفي أساس وتضاعيف "المكان المفتوح" الذي يستحضر غابات الأمازون في قلب الصحراء العربية، ويلامس برودة الاسكيمو في دروب البحار والمحيطات الدافئة!!. فالمكان والزمان السردي تجاوز مفهومي للمكان والزمان بالمعنى الإجرائي النمطي المتعارف عليه، حيث إن زمن الإبداع ومكان الإبداع ينتميان إلى "الدهر" بكلّيته وتمامه، فالدهر "دهر حدث" عندما تكون هنالك واقعة، «والدهر» دهر تحوّل "عندما يتوق السارد إلى "مجتمع ألفي جديد"، والدهر "دهور" عندما تصل المراقي والانتقالات إلى أعلى عليين، ناشرة ظلالها في اللا مرئي الواسع. أحبذ دوماً إحلال مصطلح «الدهر» محل "الزمكانية" باعتبار أن الدهر تضمين للزمان والمكان وما وراءهما، فالدهر ليس مُجيراً على ذلك المفهوم الأول المختزل في ابيقورية الإغريق وفتوة الجاهليين العرب، بل في الماوراء المكاني والزماني الذي يكسب المكان والزمان قيمة إبداعية حقيقية. [email protected]