لقد أجاد الاستعمار بشكليه القديم والجديد ادارة المساحات الجغرافية وتجمعاتها السكانية كسوق تابع من خلال السيطرة على مجالات العلم في مساحاته الواسعة في علوم الحياة الاجتماعية واحتكارها وعلى أساسها شكل قاعدة تعليمية قائمة على أساس الفكر الرأسمالي الصهيوني الذي ركز فيها على مادية الحياة ومغرياتها الغريزية. واعتبر فيها بأن القيم الانسانية هي المعيق لما يصبو إليه من الإباحة والاستباحة والتي تمكنه من النهب والاستعباد تحت أوهام سرابية ابتدعها لإغواء الانسانية التي تعيش فراغاً فكرياً ومعرفياً وعقائدياً وتحت مسمى الحريات وكانت المنطقة الأصعب بالنسبة إلى ما يهدف إليه من طمس للهوية هي المساحة العربية والاسلامية. وعليه فلقد رتب هيئات متخصصة تعنى بدراسة تاريخ الأمة وعاداتها وتقاليدها وثقافتها وعقيدتها لمعرفة أماكن القوة فيها ومكامن الضعف للتحرك على أسس معرفية لهذه الأمة ويبدأ وهو مستمر ليسحق ويدمر مايشكل حلقات وقواعد قوة الأمة وتوسيع وإبراز ما يشكل أساس ضعف الأمة ليجعلها هي السائدة والمسيطرة. وعمل من خلال جر طوابير من أبناء الأمة إلى مدارسه وجامعاته ليصهرها في مفاهيمه وفلسفته المادية الاباحية «الفكر الرأسمالي الصهيوني» وإبعادها أي الأمة عن ثقافتها وهويتها مضيفآً إليها أفكاراً سرابية لا مضمون لها إلا تمكين هذا الفكر من السيطرة أي الفكر الرأسمالي الصهيوني وتمكين المالك المطلق بأن يكون الحاكم المطلق وسيطرة الأقوى على الأضعف رابطاً كل شيء في عجلة مسار تقدمه التكنيكي الفكري الإباحي لجعل الأمة لا تعي من هويتها الا القشور وجعل الغوغاء من الأمة التي صهرها في مفاهيمه وأفكاره باسم الشهادات والثقافة اغتصابا للوسيلة التي يتحرك من خلالها لهدم كل ما هو قيمي «نهضوي» في جسم الأمة.. وعلى أساسه فقد تمكن من جعل الأمة مساحة وبشراً وثروة عبارة عن سوق ملحق تابع مطيع له وأي محاولة للنهوض بالأمة يتم ضربها في المهد قبل أن تبلغ مداها فقد دمر مشاريع الأمة النهضوية بدءاً من مشروع عبدالناصر وصولاً إلى مشروع البعث في العراق فلو راجعنا الحقب التاريخية التي تلت التطور التكنيكي البخاري للرأسمالية مع نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر لوجدنا بأنها كانت البداية التي بدأ فيها الاستعمار القديم الجديد التفكير في طمس هوية الأمة ليتمكن من استباحتها أرضاً وثروة وعرضاً وهذا ما يتجلى بوضوح ساطع في مراحلنا الراهنة والتي نعيشها واقعاً مراً. إن ما يجري في أفغانستان وفلسطين والجزائر ولبنان والعراق والصومال..الخ، من مساحات الأمة العربية والاسلامية لهو خير شاهد والبقية تأتي. فلا عروبة ولا إسلام لمن حولنا كمساحة وأمة «كقيادات دول وقيادات معارضة» انما يجري في مساحة الأمة تابع ومذل وتهدم وتسحق مابقيت من قيم وأخلاقيات وهوية «ثقافة وعقيدة» وتستباح ثروته بأساليب وطرق مباشرة وغير مباشرة. ومع ذلك يبقى أمل الأمة في الاستفادة من الماضي بالعودة إلى الهوية «ثقافة وعقيدة» وتبقى المقاومة العراقية واللبنانية والأفغانية والفلسطينية ..الخ قاعدة لهذا الأمل ومع ايران الإسلام والآيات وسوريا العروبة والإسلام ومع حلفاء الممانعة للهيمنة الإمبريالية للإدارات الأمريكية والأوروبية قوى الممانعة أمثال روسيا والصين والهند وفنزويلا شافيز.. الخ.. فالتوحد العربي الإسلامي لا ريب فيه قادم من رحم المعاناة تقدم الزمن أو تأخر إن شاء الله.