في الشعر الحديث والقصة القصيرة كالموهبة في مختلف جوانب إعادة الإنتاج المادي والروحي. ولتعريف شمولية الموهبة وحضورها في مختلف جوانب الحياة أستعير بيان الحلاج في المعرفة.. وهو بيان يتحدث عن الموهبة بوصفها أصلاً في المعرفة..لكنه يرتقي بها إلى مستويات جديدة..يقول: للعلم أهل وللإيمان ترتيب وللعلوم وأهليها تجاريب فالعلم علمان مطبوع ومكتسب والبحر بحران مركوب ومرهوب فالعلم المطبوع هو ذلك الذي يتجاوز المكتوب والمتوارث..أو ما نسميه بلغتنا العصرية الموهبة الموصولة بقدرات الناس،فالأصل أن البشر يتباينون في مواهبهم الفطرية ،لكنهم يتساوون في الاجتهاد،فمن منحه الله الموهبة وأضاف إليه الاجتهاد نال الدرجة التي يستحقها ،ومن اجتهد وكان قليل الحظ من الموهبة نجح،ولنا مثال في تلك القصة الافتراضية اللطيفة التي أوردها ابن المقفع في “كليلة ودمنة” حيث انعقد السباق بين الأرنب والسلحفاة ،فاستهان الأرنب بالسلحفاة البطيئة ونام،فيما شمرت السلحفاة عن ساعد الجد وخرجت مبكرة وهي تمشي باتجاه الهدف،صحا الأرنب من نومه متأخراً ،فانطلق صوب الهدف ،غير أن السلحفاة كانت على قاب قوسين من المكان المطلوب ففازت في السباق بالرغم من سرعة الأرنب. هذه القصة بالذات إشارة إلى أن الاجتهاد قد ينتصر على الموهبة، وبالتالي موهبة تفتقد لروح المبادرة والحرص سرعان ماتخبو وتندثر. السم القاتل للموهوب أن يكون نرجسياً إلى حد الثمالة، وأن يقرأ العالم بعدسات ذاته، وأن يستسهل النجاح معتمداً على ملكاته المجردة. ليست النرجسية عيباً إذا كانت مقرونة بالاعتداد ومعرفة الذات بالمعنى السوي للكلمة، لكنها حالة مرضية إذا تحولت إلى تبخيس للآخر، واعتقاد بأن الذات النرجسية فوق الآخرين، وهذا ما يقع فيه بعض الموهوبين الذين يندثرون مع ركام خرائبهم النرجسية الفارغة.