في عالم تتصدره أخبار الكوارث والحروب والمؤامرات، بدءاً من مؤامرات الساسة، وانتهاءً بمؤامرات الجيران الساكنين في عمارة واحدة حول جارهم الذي يسكن في البدروم، أو حتى فوق السطح. تبدو المؤامرة في معجمنا العربي كلمة لها نصيب الأسد في موقعة الجمل حضرت المؤامرة وغاب الجمل! في حرب 48 حضرت المؤامرة، وطلع السلاح فشنك في معظم حروب تحرير الأرض عموماً، تحضر المؤامرات وتغيب الأرض! تصير الأرض حاجة تتمسح فيها كرامة الإنسان، وأكيد سمعتوا واحد يقول لصاحبه «والله لا امسح بكرامتك الأرض» هي هذه بعينها. ثم إننا مهووسون جداً بحكاية المؤامرات.. أهم اجتماعاتنا نسميها «مؤتمرات» لو شلنا منها حرف التاء فقط، سنكتشف الجملة الضائعة، الجملة اللي ضيعتنا قرون! لدينا مؤتمرات للبيئة، وبيئتنا زي الزفت.. مؤتمرات للطفولة، مؤتمرات للطاقة «وهذه غير مشروبات الطاقة طبعاً» خلوا بالكم. حضرت مرة حاجة اسمها «مؤتمر الحوار» والله ولاتحاورنا حول شيء، حضرت المؤامرة بين السادة المؤتمرين، وغاب الحوار! انتهت جلسة الافتتاح ببيان ختامي«!» وبدأ حفل الختام بآي من الذكر الحكيم، اكتفى الجميع بعبارة «صدق الله العظيم» وراح كل واحد يكذب على صاحبه. خلاص، صدق الله العظيم، أما البشر مالهمش دخل، كل واحد يكذب ويتآمر، وهو وشطارته.. وانتهى مؤتمر الحوار بالتأكيد على أهمية الحوار! بيان ختامي حلو جداً، وجذاب كمان.. زي عقرب الساعة بالضبط، لف ورجع مكانه! في إبداع أكثر من هذا؟ مااعتقدش أبداً. البحر تآمر علينا وصار عميقاً.. القبح تآمر علينا وصار أكثر اتساعاً.. نحن تآمرنا علينا، وصرنا أكثر خلق الله ضياعاً. المؤامرة.. هذا كل الذي ورثناه من هابيل وقابيل.. كما وهي قصتنا الأولى عموماً.. سأتآمر عليكم الآن وأقف هنا، لأنام. هل تظنونني نمت؟ لااااا.. مازلت سهران أقرأ كتاب المؤامرة الكبرى.. هيييييييه.