لقد كثر الكلام حول الأسعار وتقلباتها في بلادنا. و يبدو واضحاً من خلال المعايشة اليومية لما يدور في الأسواق أن وزارة التجارة والصناعة ومكاتبها والأجهزة الرقابية المختصة التابعة لها في المحافظات قد فشلت فشلاً ذريعاً في ضبط التجارالمتلاعبين بالأسعار أكانوا كباراً أم صغاراً. وهذا دليل على ضعف الآلية التي تتبعها هذه الجهات وعدم فاعليتها في ضبط الأسعار. وأصبح لزاماً على الحكومة البحث عن بدائل فاعلة وجادة لحسم هذه القضية وايقاف المتلاعبين باقوات الناس عند حدودهم. ان الحزب الحاكم يحمل وزارة التجارة والصناعة ومكاتبها في جميع المحافظات مسئولية التلاعب بأسعار السلع الاستهلاكية بصفة عامة واسعار المواد الغذائية على وجه التحديد وإيقاف المزاجية والعبث فيها. وكان الاجتماع الذي ترأسه فخامة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس الموتمر للجنة العامة يوم الاثنين الماضي صريحاً وواضحاً في قراراته تجاه هذه القضية التي تهم الناس جميعاً. فهذه الوزارة يجب أن تتحمل المسئولية كاملة وهي تمتلك الوسائل والامكانيات لضبط السوق. ولا ننكر وجود مرضى نفوس وفاسدين في مؤسسات الدولة والأجهزة الرقابية الاخرى يعملون على تقويض أية خطوات تصحيحية في هذا الجانب وهذا أمر طبيعي فهذا الصنف من الناس موجود في كل زمان ومكان وفي كل الدول في الماضي والحاضر لكن الحكومة مطالبة بالضرب بيد من حديد كل فاسد ومتلاعب سواء أكان موظفاً في الدولة أو تاجراً في السوق. ويجب على مديري عموم مكاتب وزارة التجارة والصناعة في المحافظات التعامل مع هذه القضية بجدية وعدم الاستخفاف بها. وهم مطالبون بالنزول من (الدواوين والمقايل) ميدانياً إلى الاسواق في عواصم المدن والمديريات. وتفقد سير التعامل بين البائع والمشتري وفرض هيبة الدولة وفقاً لقاعدة (لا ضرر ولا ضرار). لقد انفلتت الأسعار إلى أبعد حد. وأصبح كل تاجر يحدد سعر السلعة بنفسه ووفقاً لمزاجه دون مراقبة لضميره ودون خوف من الله ثم الدولة وأصبحت أسعار بعض السلع الاستهلاكية في بلادنا يفوق سعرها الحقيقي في أسواق دول الجوار الغنية. بل إن بعض السلع المستوردة من هذه الدول تباع في الاسواق اليمنية بخمسة أضعاف سعرها في سوق الدولة التي صنعتها. وهذا والله ظلم للناس. فهذه ليست تجارة. وهذا لا يرضي الله أبداً. بل ان هذا دليل على غياب الضمير والوازع الديني وغياب الدور الرقابي للحكومة. وهذا كذلك دليل فاضح على أننا نسير في اتجاه خاطىء حكاماً ومحكومين وعلينا مراجعة أنفسنا وسلوكياتنا ومراقبة الله والضمائر في كل أعمالنا. إن الحديث عن التلاعب بأسعار المواد الغذائية الأساسية لا بد وأن يجرنا بالضرورة وبشكل مباشر للحديث عن الأسعار بصفة عامة.وهذه مناسبة للاقتراب من هذا الملف ذي الأهمية البالغة والذي يتطلب منا ضرورة قصوى لدراسته بطريقة جدية ونافعة أيضاً يجب أن يطال اهتمامنا اسعار مختلف المواد الاستهلاكية التي يحتاج إليها المواطن. فأسعار كل شيء في البلد اصبحت في تصاعد جنوني ومزاجي رغم ثبات سعر الدولار محلياً ورغم قيام الدولة من حين لآخر بضخ العملة الصعبة إلى الاسواق لإيقاف تدهور سعرالريال حرصاً على ثبات الاسعار وحرصاً على حياة الناس. ومع ذلك لا نعرف سبباً واحداً لاضطراب وتفاوت سعر السلعة الواحدة في متجرين متجاورين وفي نفس الشارع الواحد. فهناك بعض التجار أصبحوا يسعرون بضاعتهم بأنفسهم وبأرباح خيالية ولا يتصورها العقل وهذا لا يحدث في أية دولة على الاطلاق. والأمر الأكثر غرابة أنك تجد بعض البائعين في المحل الواحد يجتهدون في تقدير تسعيرة السلعة الواحدة وكل واحد منهم يعطيك سعراً مختلفاً عن زميله البائع في نفس المحل. إن المرحلة تتطلب مواقف حاسمة وحازمة تجاه هذه القضية وكذلك تتطلب المرحلة تغييراً جوهرياً في الآليات التي تتبعها الحكومة لايقاف التلاعب بالأسعار. واذا كان هناك من موظفي الحكومة من لم يستوعب المتغيرات التي يشهدها الوطن فيجب (كنسه) وابعاده من موقعه. فالحياة المعيشية أصبحت باهظة الثمن ومكلفة ومرهقة للناس ليس بسبب السعر الحقيقي للسلع من حيث المبدأ بل من حيث التلاعب بها وتقلباتها وتفاوتها من متجر إلى آخر وكذلك ارتفاع أسعارها مقارنة بنظيراتها في الدول الأخرى. وختاماً إن حماية الناس من جشع بعض التجار امر ضروري واساسي وعلى الحكومة القيام بهذا الواجب. وعلى قيادة وزارة التجارة والصناعة ومكاتبها في المحافظات الاضطلاع بمسئولياتها في هذا الجانب. خاصة بعد أن أثارت هذا الموضوع أعلى هيئة قيادية للحزب الحاكم (اللجنة العامة) الاثنين الماضي. وعلى الجميع أن يرتقي إلى مستوى هذه الجدية ويتعاطى معها بروح مسؤولة. وفي هذه الفترة بالذات أقترح انشاء (غرف عمليات) على مستوى المدن وعلى مستوى كل مديرية لمراقبة الأسعار وضبطها لا ظلم فيها للتاجر أو المستهلك على حد سواء.