أحسب أن من بعض الأسباب التي تحول دون تطبيق واعٍ لتصورات مفيدة لسياسات رشيدة في وطننا العربي تتمثل في المكابرة التي تتخذ بعداً قبلياً عصبياً، وهذه سُنّة عربية، لم يستطع حتى الإسلام أن يمحوها تماماً في عهده الأول. ولربما كان ذلك عائداً إلى شعور هذا العربي بالنقص بعد أن رهنت الصحراء العربية للجدب، فأصبحت في إسار سيطرة المناذرة والفرس الذين سادوا أيما سيادة، وتنازعوا النفوذ في شمال الجزيرة الشرقي والغربي من قرون غابرة. أقول هذا بمناسبة اجتماع إخواننا الفلسطينيين الذين انطلت عليهم للأسف الشديد مقولة «حماس» و«السلطة» فأضحوا مرتهنين لهذه المؤامرة. إن الفلسطينيين على اختلاف مشاربهم اليسارية واليمينية والدينية والوجودية، على درجة من الوعي والثقافة وهم يعيشون في ظلال تجربة يومية دامية تمنحهم الفرصة تلو الأخرى للوحدة وضرورة التحرر من استبداد الخطر الاسرائيلي ومؤامرة الاستعمار والاستكبار العالمي. وبصراحة متناهية لن تنفع صنعاء ولا الفردوس إذا جاء إليهما أهل فلسطين بثقافة المكابرة والتعبئة المسبقة بأفكار الحرص على انتصارات زائفة. الأستاذ هنية والأستاذ أبومازن ليسا غريبين على معنى ضرورة الوحدة الوطنية، وليسا أغراراً على معنى ماذا تتطلبه المرحلة الحالية والقادمة، وليسا بعيدين عن الخطر الاسرائىلي، فهما يعيشان آثاره المدمرة، وآذانهما ليست بعيدة عن دوي انفجارات مخيفة ومرعبة تحدثها أحدث طائرات العالم التي يقودها اسرائيليون هم جزء من ثقافة الاستئصال اليهودي لأبناء فلسطين.. إلخ. إن أهلنا في فلسطين وفي كل العالم العربي والإسلامي ينتظرون عزام الأحمد وموسى أبومرزوق، وليس من اليمن أن يكونا قادرين على صناعة تحول في الوحدة الفلسطينية، بل ينتظر العرب والمسلمون أن تظهر فتح «السلطة» وحماس الانتفاضة حُسن النية أولاً، ورفضهما للانضواء تحت أي مؤثرات أجنبية، فالارتهان للخارج ضمان لاستمرار الاحتلال ومفتاح لانهمار الدم الفلسطيني عبثاً وظلما. هل آن الأوان ليكون القرار الفلسطيني فلسطينياً؟!