كل شيء في العاصمة صنعاء يجبرك على الذهول، وكل يوم يظهر أمام الساكن لمدينة صنعاء أو الزائر لها أنه أمام شيء جديد يفرض استدعاء متواليات الاستغراب.. الشوارع مكسرة في الغالب.. والازدحام شديد جداً.. والفوضى تطل برأسها من كل مكان.. والعشوائية تحكم المار راجلاً في الشوارع أو بالسيارة. وحتى الموظف في الدوائر الحكومية.. وأدخنة السيارات تملأ المساحات الواسعة أو الضيقة.. والضبط المروري في الجولات منتهي الصلاحية.. والسيارات التي تتبع جهات أمنية أو عسكرية أو حكومية تقطع الجزر وتقتحم الأرصفة بدم بارد!!. لن أخوض أكثر في هذا الكوكتيل من العجائب، فجميعها يحتاج إلى تأليف كتاب، وسأكتفي بظاهرة الزحام التي يختنق بسببها الساكنون والزائرون. لم يعد هناك وقت تبدو فيه العاصمة غير مزدحمة، وأي شخص يفكر في الانتقال من مكان إلى آخر لابد أن يتحلّى بالصبر لأنه سيقطع المسافة القصيرة في ساعة أو أكثر، وسيتعرض للكثير من المواقف التي ترفع الضغط!!. الصباح زحمة.. والظهر زحمة.. والعصر زحمة.. والليل زحمة.. والشوارع ضيقة.. والفوضى في كل مكان.. والحلول غائبة، باستثناء الأنفاق والجسور الجديدة التي تعالج ازدحام الشوارع الرئيسة في أطراف العاصمة. حتى نظام الجولات المرورية يعمل في العاصمة صنعاء بشكل مخالف ومعاكس لما يُعمل به في كل دول العالم، وبدلاً من أن تعمل إدارة المرور على توعية السائقين بحملة مشابهة لحملة توعية «إزالة العواكس» وتلزمهم بعد ذلك بتطبيق نظام الجولات الذي يقول: «الأولوية للقادم من جهة اليسار» نجد أن اللا مبالة مسيطرة، ورقم ضحايا الجولات يتزايد؛ مع أن السائقين أنفسهم يتعاملون بفن وذوق واحترام مع نظام الجولات المرورية في محافظة عدن!. والأسواق العشوائية التي طالتها يد القانون والنظام والتنظيم بحزم يُشكر عليه أمين العاصمة الدكتور يحيى الشعيبي؛ عادت من جديد وعاد الباعة المتجولون ومن يفترشون الأرض والطريق ويتسببون في إلحاق الأذى بالمواطنين وإعاقة الحركة، وبعض رجال الأمن ومندوبي البلدية هم المستفيدون، وهم الذين يجنون الفوائد والأموال باضطهاد الباعة المتجولين في ظرف ساعة أو ساعتين؛ ومن ثم تعود حليمة إلى عادتها القديمة إيذاناً بمعاودة الاضطهاد لا لتطبيق القانون؛ ولكن لأن الجيب فاضٍ والقات غالٍ!!. مشكلتنا في العاصمة صنعاء كبيرة وعويصة، ولها أول وليس لها آخر.. والزحمة والعشوائية والفوضى لم تعد فقط في الشوارع؛ ولكن في القلوب أيضاً!!.