منذ أن التحقتُ بالوظيفة العامة وأنا أسمع عن الإصلاح الإداري بل إن وزارة الخدمة المدنية والتأمينات كان اسمها في السابق وزارة الخدمة المدنية والإصلاح الإداري ويبدو أن الأستاذ عبدالقادر باجمال رئيس الوزراء السابق كان قد وصل إلى قناعة بعدم جدوى بقاء اسم الإصلاح الإداري مرتبطاً بوزارة الخدمة المدنية في ظل عدم وجود أي اصلاح إداري في الواقع فتبنى إلغاء عبارة الإصلاح الإداري من تسمية وزارة الخدمة المدنية عند تشكيله للحكومة السابقة برئاسته. ومنذ سنوات مضت ونحن نسمع عن تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والإداري ويبدو أن هذا البرنامج سيكون أطول برنامج إصلاح في العالم وقد تأتي الأجيال القادمة بعد خمسين عاماً وبرنامج الإصلاح الإداري والمالي لايزال يواصل السير بخطوات ثابتة نحو الأمام..وعلى رأي سيدة الغناء العربي أم كلثوم..«واثق الخطوة يمشي ملكاً». لدي قناعة تامة بأنه لايمكن أن يتحقق برنامج الإصلاح المالي والإداري في ظل «وجود الوساطة والمحسوبية والرشوة»..هذا الثالوث الذي لايقل خطراً عن الثالوث الرهيب «الفقر والجهل والمرض» الذي قامت الثورة اليمنية للقضاء عليه. ليس مبالغاً القول إن ثالوث الفساد «الوساطة والمحسوبية والرشوة » سبب كل المشكلات التي يعانيها المواطنون في أقسام الشرطة وإدارات الأمن والمباحث والنيابات والمحاكم وفي المرافق الصحية والمؤسسات التعليمية والخدمية وكافة مرافق الدولة دون استثناء.. بسبب أن الوساطة والمحسوبية والرشوة تهدر الدماء وتضيع الحقوق فيستولي القوي على أملاك الضعيف ويوضع الشخص غير المناسب في المكان الذي لايستحقه وبسبب الرشوة والوساطة والمحسوبية يصبح الحق باطلاً والباطل حقاً.. نسمع عن وجود معايير لابد من تطبيقها والالتزام بها عند الترقية والتعيين في الوظائف العامة في قانون الخدمة المدنية لكن في الواقع توجد معايير أخرى غير تلك التي تضمنها القانون وهي «الرشوة والوساطة والمحسوبية» فالكفاءة والخبرة والقدرات والمؤهلات وسنوات الخدمة ليس لها وجود في قاموس أصحاب الوساطات والمحسوبية. أجزم أن قطاع الصحة بمحافظة تعز غني بالكفاءات من الأطباء والطبيبات الذين لديهم المؤهلات العلمية إلى جانب الكفاءة والخبرة المتراكمة من سنوات طويلة وكذا القدرات الإدارية ولكن المحسوبية والوساطة هي من تتحكم في قرارات التعيين على مستوى الاقسام والإدارات والمستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية ولذلك فلاغرابة أن طبيبة حديثة التخرج صدرت فتوى توظيفها في 5/12/2007م مع تسعة من زملائها الأطباء والطبيبات المتخرجين من جامعة تعز وصدر قرار تعيينهم كاختصاصيين مساعدين في مديرية الشمايتين تحت التجربة لمدة ستة أشهر من تاريخ قرار التعيين. هكذا نص قرار التعيين والموقع من مدير عام مكتب الصحة والسكان ومحافظ محافظة تعز ورغم ذلك فإن إحدى الطبيبات أصبحت بعد أقل من ثلاثة أشهر من توظيفها نائبة مدير عام للشؤون الفنية بأحد مستشفيات مدينة تعز بفضل الوساطة والمحسوبية.. هكذا دفعة واحدة نائب مدير عام.. فأين هي معايير شغل الوظيفة العامة وأين قانون الخدمة المدنية وأين هو الإصلاح الإداري فهل محافظة تعز كلها لايوجد فيها كادر واحد يصلح لشغل منصب نائب مدير عام المستشفى حتى يتم انتظار تخرج الطبيبة من الجامعة وتوظيفها ليتم تعيينها فوراً في المنصب؟ وهل الإصلاح الإداري وقانون الخدمة المدنية يجيز نقل موظف من الجهة التي توظف فيها إلى جهة أخرى بعد أيام من صدور فتوى الخدمة المدنية ويجيز تعيين موظف لايزال تحت التجربة في منصب نائب مدير عام؟ وهل يحق لمن أصدروا قرار التعيين هذا أن يتحدثوا عن النظام والقانون والإصلاح الإداري؟ بين يدي أيضاً صورة لشكوى موجهة لمحافظ تعز من قبل اثنين وعشرين كادراً طبياً وتمريضياً من العاملين في نفس المستشفى يطالبون بنقلهم وتوزيعهم على المستشفيات الأخرى بسبب ماقالوا في شكواهم للمحافظ التعسفات والانتهاكات التي يواجهونها من قبل إدارة المستشفى. ما أشرنا إليه هو مجرد مثال فقط لتسيد الوساطة والمحسوبية والرشوة والفساد بكل صوره وأنواعه في جميع المرافق العامة. فما رأي الأخ الأستاذ حمود خالد الصوفي وزير الخدمة المدنية بهذا وهل ذلك يصب في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح الإداري أم الفساد الإداري؟!..